لمن السيطرة؟ 1-2

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعرض منصة (نتفليكس) فيلماً عنوانه (قوة الكلب) يصنف بأنه من أفلام الويسترن أو الغرب الأمريكي التي تتناول حياة رعاة البقر أو الكاوبوي، يحظى الفيلم بتقدير كبير من قبل النقاد، كما تحظى عودة مخرجته جين كامبيون بترحيب شديد بعد غياب دام 12 عاماً!

يمكن الاتفاق أو الاختلاف حول الفيلم وحبكته وجمالياته، لكن الذي استوقفني هو أنه يحكي عن مونتانا في الغرب الأمريكي، حيث البراري وقطعان البقر وقيم الرجولة المتوحشة، تجري أحداثه في العام 1925، ومع ذلك فإن الشقيقين (بطلي الفيلم) يقيمان في قصر غاية في الإبداع والذوق المعماري في تلك البراري، وكان الرجال يقضون ساعات طويلة؛ بسبب الفراغ الطويل وقسوة الحياة، يحتسون النبيذ ويتناولون الطعام في مطعم السيدة روز وابنها، المرأة الفقيرة التي تجيد العزف على البيانو، وحين يتزوجها أحد الشقيقين فإنه يصر على جلب بيانو لها لتعزف عليه لحاكم الولاية وزوجته!

هذه التفاصيل ذكرتني بما جاء في كتاب المؤرخ الأمريكي إيان موريس (لماذا يهيمن الغرب اليوم؟) عندما ذكر أنه - وبحسب الوثائق - في عام 1777 للميلاد كان يمكن للمرء أن يشاهد في لندن كل ما يريده من هذه الحياة؛ فلندن في تلك الأيام من أواخر القرن الثامن عشر كان فيها كل شيء، المعمار الفاخر، البضائع على آخر طراز في تلك الفترة تملأ واجهات المحلات، والأناقة التي لا ينكرها أحد في ملابس سيدات ذلك الزمان.

كان التجار يضيعون ساعات من فراغ طويل ولذيذ يحتسون القهوة في أماكن خلعوا عليها لأول مرة اسم النوادي، وحتى الفقراء كانوا يصفون الشاي بأنه أمر «ضروري ولا غنى عنه» فما بالك وقد كانت زوجات المزارعين شغوفات بشراء آلات البيانو، لزوم عزف الموسيقى في الأمسيات.

اليوم، ونحن نطل على العالم من خلال صراعات الهيمنة بين الشرق والغرب ومن خلال الخمسين عاماً القادمة، وبعد أن أفل نجم الكثير من عواصم الإمبراطوريات، وتراجعت عواصم الشرق العربي والإسلامي برغم حضاراتها العظيمة نتساءل: لمن ستكون السيطرة: للغرب ممثلاً في الولايات المتحدة أم للصين؟

ونكمل غداً

Email