لماذا لا يحب الناس الحقيقة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

هذا العنوان الذي قرأتموه لمقال اليوم، يمكن أن يكتب أو يطرح بصيغ مختلفة ومتباينة، كذلك لنجرب: لماذا يفضل الناس الكذب أكثر؟ أو: أيهما أكثر انتشاراً وتفضيلاً بين الجماهير: الأكاذيب أم الحقائق؟ أو ما الذي يدفع الناس لتصديق الأخبار الكاذبة أو تلك التي تروج لنظريات المؤامرة؟ لماذا .. لماذا .. ؟ السؤال يمكن أن يطرح بأشكال عدة، وليس بينها أي نوع من المبالغة أو عدم الواقعية!

أعلم أن هناك من سيعترض على بعض هذه الصيغ، وسيؤكد آخرون على أن الناس تتحرى الدقة وتبحث عن الأخبار الصادقة، وأنهم على العكس ينتظرون الحقيقة ويتلقفونها بامتنان ويتناقلونها، وأنهم يقفون بالمرصاد ضد الأكاذيب والتزوير و… إلخ، فهل يتوجب علينا أن نصدق ذلك فعلاً؟ إذن فلماذا يؤكد العلماء والباحثون خلاف ذلك؟

لقد أنجز ثلاثة من الباحثين الشباب بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، قبل عدة أعوام بحثاً حول درجة انتشار الأخبار الكاذبة عبر الإنترنت، فجمعوا 126 ألف خبر من موقع تويتر بين عامَيْ 2006 - 2017، وفحصوا مدى صحة تلك الأخبار عبر مجموعة من المنصات المختصة.

جاءت نتائج تلك الدراسة لتقول إن انتشار الأخبار الكاذبة كان واضحاً بفارق هائل مقارنة بالصادقة منها، بل إن معدل انتشار الخبر الطبيعي كان ألف مرة مقارنة بمعدلات انتشار الأخبار الكاذبة التي وصلت إلى 10 آلاف مرة !

في الفيلم الأمريكي (لا تنظر للأعلى)، وبعد أن يصل العالم إلى درجة من اليأس بسبب عدم تصديق الناس للحقائق التي يعرضها عليهم حول المذنب الذي سيصطدم بالأرض ويدمر البشرية يصرخ قائلاً: لماذا لا يصدقون؟ لماذا لا يشعرون بالرعب فعلاً؟ لماذا يصدقون الأكاذيب أكثر؟

ذلك ما يحدث كل يوم لنا جميعاً، ونحن نتعرض لسيل من الأخبار الكاذبة والمزيفة والمتحاملة على دول وشخصيات، ومع ذلك نميل إلى تصديقها وبقوة بل ونعيد نشرها دون حتى أن نتأكد من صحتها أو دقتها!

 

Email