لا تعطِ أكثر مما يجب !

ت + ت - الحجم الطبيعي

الذين يعطون كثيراً، دون توقف أو دون مقابل، لأنهم يملكون نفوساً تواقةً للتضحية، ومحبةً للخير، ينصحهم الأديب الروسي مكسيم غوركي صاحب رواية (الأم) الشهيرة بأن يتمهلوا وأن يلتقطوا أنفاسهم قليلاً وهم يسابقون غريزة العطاء وإيثار الآخرين «لا تعطوا أكثر مما أخذتم حتى لا تنمو في الآخرين غريزة الجشع، إنّ الإنسان مخلوق جشع، إذا نال أكثر مما يستحق فلن يكُفّ عن المطالبة بالمزيد».

أنت لست إلهاً، ولا أماً أو أباً لأحد، لذلك لا تحوّل نفسك لمتبرعٍ عام، لأنه وفي لحظة مراجعة الحسابات ستكتشف أن حسابك مكشوف تماماً، وحتى من منطلق فعل الخير، فإن لهذا المجال أصوله ومعادلته المعروفة، نعم عليك أن تقدم يد المساعدة، وعليك أن تتصدق، وعليك أن تدفع ما عليك من زكاة، تلك فروض ومستحبات تطهرك من خطايا الجشع والبخل وحب المال وكنزه، أما ما يقصده غوركي فشيء مختلف.

هناك من يستغل كرم نفسك، من يتكئ على نزاهة قلبك، على عدم التفاتك للماديات كثيراً، فيأخذ دون أن يلتفت ليرد شيئاً، أو ليرد بعضاً مما أخذ، ولو بشكل رمزي أو بسيط أو لمرة واحدة، إنه يفقد ذاكرة العطاء في مقابل تنامي غريزة الأخذ الجشع في داخله دون أن ينتهي هو أو تعي أنت مخاطر ذلك عليكما معاً، فلماذا عليك أن تكون بنكاً للتبرعات العامة؟! هل لتقدم نفسك كملاك أم لتمتلك قلوب من حولك بسخائك؟ غوركي يقول لك إنك إذا ما استمررت في طريقتك الغبية فستخسر حتماً!

العطاء ليس مقتصراً على المال فقط، إنه يشمل العواطف والمشاعر والمساعدات والمواقف والوقت والاهتمام و… وغير ذلك، فكثيرون ممن منحوا أغلى أيام العمر وأعز الأوقات التي كان أصحابها في أمسّ الحاجة لها، أغلقوا الأبواب في وجوه من منحوهم تلك الأوقات وتلك المحبة وذلك الاهتمام.

المجانية والاهتمام المبالغ لا يشعران البعض بالامتنان أبداً، إنهما يشعرانه بالجشع، وبأن ما تعطيه حقه، وعليك أن تضاعفه له باستمرار، فتوقف وعقلن سلوكك قدر استطاعتك.

Email