أما زلتم تشترون الكتب؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل ما زلنا تحت سطوة الكلمة المقروءة؟ أما يزال الناس في أيامنا هذه يميلون فعلاً للورق ويشترون الكتب كما كان يفعل آباؤهم منذ عشرين أو ثلاثين عاماً مضت؟ هل ينتج العالم كتباً ورقية بمليارات الدولارات في هذه الأيام؟ هل لا تزال معارض الكتب كما كانت؟ أم أنها تزدهر عاماً إثر عام، ودور النشر تزداد يوماً بعد يوم، وإنتاج العالم من الكتب لا يتوقف عند حد؟ هل ما زالت صناعة الورق على حالها، وكذلك الأحبار ومكائن الطباعة العملاقة وصناعة الكتابة وإنتاج الأفكار وكتابة الروايات والمذكرات والفلسفة والبحوث والمجلدات والفهارس والقواميس وكتب الطهي وقصص الأطفال و.. و…

أما زلتم أيها السادة، أيتها السيدات، تسيرون في بعض شوارع تلك المدن التي صنعت صورتها الرومانسية من تواطؤ الأدب والشعر والموسيقى، فتتردد على أسماعكم سير الأدباء والشعراء غريبي الأطوار والكاتبات العظيمات، وعناوين الروايات التي حلقت بأفكارهم حول العالم؟

أما زلتم تلمحون نساء حسناوات يقرأن جالسات على كراسي المقاهي والحدائق دون أن يكترثن بمن حولهن؟ أما زال كثير من الرجال في المحطات والقطارات يقلبون باهتمام صفحات كتب قديمة اقتنوها في التو من حوانيت عثروا عليها بالصدفة، أما زالت المكتبات زاخرة بروادها ولم تقفل بعد؟

أما زال أبناؤنا يحملون كتباً في حقائبهم المدرسية ويشترون دفاتر لحل الواجبات؟ ويكتبون إجابات امتحاناتهم على الورق؟

والمدرسون لا يزالون يشخبطون على أوراق الطلاب بالقلم الأحمر بمتعة ملغزة.

إذا كان كل ذلك لا يزال يحدث، والعالم لا يزال يقرأ، وما زال هناك من يوصي صديقه إذا جاء من تلك البلاد أن يحضر له كتاباً معيناً، وهناك من ينشئ صفحات على مواقع التواصل ليبيع كتباً نادرة، فالعالم بخير إذن، وفي كامل لياقته وصحته النفسية، رغم العته والتفاهة وجنون البشر والبقر، وادعاءات نهاية عصر الكتاب واحدة من نظريات المؤامرة لا أكثر!

Email