الحياة في ظل التناغم

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنت أقرأ مقالاً حول علوم الطاقة وقانون الجذب عند الصينيين، وكيف أن شعوب شرق آسيا، لديهم الكثير من الفلسفات التي تحدد نظرتهم للطبيعة حولهم، كما يستخدمونها كمرجعيات لتنظيم علاقتهم بها، للارتقاء بصحتهم ونفسياتهم، وطريقة بناء مساكنهم، ونوعية ملابسهم وأطعمتهم، وبالتالي، التعايش مع كل ما يحيط بهم، بهدوء وتصالح.

فتذكرت كيف أن والدتي كانت تطالبنا دائماً، بعدم تكديس الأثاث في المنزل، وبضرورة استبدال أغطية الأسرّة المستخدمة في الشتاء، لأن طاقتها تتبدد، كما تقول، ولا بد من تجديدها، لذلك، فهم قديماً كانوا ينجدون الوسائد والمخدات والأغطية المحشوة بالقطن، قبل بدء موسم الشتاء مثلاً.

لم يكن يعنيني، وأنا أنصت لأحاديث أمي تلك، مرجعيات تلك الفلسفة، بقدر ما يعنيني أنها تدل على عمق العلاقة بين الإنسان ومفردات الفضاء الذي يتحرك فيه، وأن هذه القناعات ذات أساس إنساني واحد، وممتد شرقاً وغرباً، على حد سواء، ووحده الإنسان بفطرته وإيمانه بخالقه، المتأمل والساعي لتحسين حياته، يمكنه التواصل والتوصل للغة حقيقية مع ما حوله.

إن المتحقق للإنسان كثير، لكن الإيقاع اللاهث للحياة، أفقدنا الالتفات لتفاصيل الطبيعة حولنا، كما كان يفعل أهلنا، وكما لا يزال يفعل كثيرون، لم تتسلط عليهم يد التكنولوجيا والعلوم الفائقة التطور، لذلك، فالإنسان في اتكائه على جذره الإنسان، يميل إلى ذات القناعات السامية.

ففي قناعتنا كمسلمين، نقول إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، والمرأة التي تعمل عندنا، تقول إن الإيمان ليس تواكلاً، بل هو توكل، نحن نقول إن التوكل يجب أن يكون على الله وحده، وهي تقول إن فكرة الله واحدة عند جميع أهل الإيمان، والاختلاف في كيفية التعبير لا أكثر، هي تقول نحن نؤمن بالله أيضاً، لكننا نؤمن بأن الإنسان مخيّر، ولديه مساحة كبيرة من حرية العمل، كي يحقق أحلامه، فالله يمنحك العقل والأرض والزمن والإمكانات، لكنه لا يبني لك منزل أحلامك، ولا يؤثثه لك، أنت مَن يجب عليه أن يسعى لذلك!!

Email