الحياة سريعة.. ثم ماذا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

جاءت ظاهرة (الفاست فود) استجابة طبيعية للتغيرات الجذرية، التي طالت نمط الحياة من حيث سيطرة السرعة على كل شيء، فالإنسان يتحرك ويلهث نحو العمل وإنجاز المهمات والأهداف بسرعة كبيرة، خلال اليوم، لذلك لا وقت لحياة البطء والرومانسية، وعليه فمن الطبيعي أن يسعى خلف كل ما يوفر له المتعة والتسلية والمعرفة بسرعة وسهولة.

من هنا برز منذ عدة سنوات مفهوم الفاست فود، والفاست ريد أي القراءة السريعة، استجابة لتسارع وقع الحياة، والتي تجلت في تنامي مطاعم الوجبات السريعة، وفي برامج وتطبيقات التواصل الاجتماعي التي تنمي التوجه العام للقراءة والكتابة السريعة والمختصرة مثل «تويتر».

وفي هذا الاتجاه يدعو البعض لتبني هذا الاتجاه استقطاباً للشباب، بدل تنفيرهم منها بالكتب الضخمة والمقالات الطويلة.

والفكرة جديرة بالنقاش، لكن لا بد من طرح بعض الأسئلة: هل علينا أن نختصر الكتابة والكتب وأن نلغي الثوابت الأساسية واحتياجات جموع القراء الذين لا زالوا محافظين على علاقتهم بالقراءة وبالكتاب كوعاء ثابت للمعرفة، لأن مجموعات من الشباب في عمر معين يعيشون الحياة بسرعة ولا وقت لديهم للقراءة؟

وهل وجود ظروف شاغلة أو ملهيات معينة يمكن أن تكون مبرراً لقبول أي ظاهرة طارئة بمعنى آخر هل لأن الحياة متسارعة ولا وقت لدى الإنسان ليمارسها كما يجب، وبالهدوء والصبر المطلوبين يحتم على العالم والكتاب أن يقبلوا بتفريغ الكتابة والقراءة من حقيقتهما وجوهرهما؟ إن الذين اخترعوا شركات الأطعمة السريعة بدأوا يهاجمونها ويتحدثون عن مضارها على الصحة العامة، وسيأتي من يتحدث عن سلبيات القراءة السريعة بلا شك!

إن الغاية لا تبرر الوسيلة مطلقاً، إلا عند من اخترع هذا المبدأ، في السياسة كما في القراءة، وإن صعوبة العلم وعدم توافر الوقت لن يجعل من الغش في الامتحانات أمراً مبرراً، ولا لأن الشباب لا وقت لديه علينا أن نغير حذر الثقافة انحناءة لأهوائهم بدل أن نبحث عن كل وسيلة تحبب إليهم القراءة والمعرفة!

Email