نحتاج لأن نصغي للآخرين

ت + ت - الحجم الطبيعي

في نهاية المطاف تتطلب الحكمة منا أن ننصت لكل الأصوات إن استطعنا، لأبنائنا، موظفينا الصغار، متابعينا الذين يتلقون رسائلنا في كل لحظة، جمهورنا الذي نقدم له خدماتنا، وكل من نتعامل معهم ويتفاعلون معنا ويشكلون لنا أهمية بشكل أو بآخر، كل هؤلاء مطلوب أن نمنحهم حق الكلام، وتحديداً لمن نظن أن كلماته حقيقية وصادقة، وتنم عن منطق موضوعي لا مجرد ثرثرة وأهواء شخصية.

وحتى حين لا يعجبنا ما يقال، حتى حين يكون الكلام متعارضاً مع ما نفعله أو نقوله، حتى حين يؤلمنا أو يحرجنا، نحتاج للموضوعية كثيراً وللحكمة وتغليب المصلحة العامة والبعيدة، فقد نرى نحن الشجرة، ويرى غيرنا الغابة، من يدري، لننصت فلا بأس في ذلك!

ألا نسلم أنفسنا طواعية للأطباء والجراحين في أحيان كثيرة؟، ألا نستسلم لمبضع الجراح ومقصه وخيوطه، ألا نفعل ذلك مرغمين لأنه الحل الأمثل والوحيد؟ ألا نفعل ذلك ونحن على ثقة بأن تلك الجراح والندوب ربما هي ما ستقودنا للتشافي وطريق النجاة، إننا نذهب لغرف العمليات مكرهين وكارهين، لكنه الحل الوحيد والصحيح المتاح لحظتها.

ليس علينا دائماً أن نبتعد عن، أو نتحاشى كل ما لا نحبه ونخاف منه، ففي أوقات بعينها لا يكون الخلاص أو النجاة إلا بمواجهة ما نخافه والاقتراب بوعي من كل ما لا نحبه، يقول الروائي المصري نجيب محفوظ (الخوف لا يمنع من الموت، ولكنه يمنع من الحياة)، إن إنكارنا للشيء أو خوفنا منه لا ينجينا ولا يجلب لنا الحياة، إنه يمنعها وقد يدمرها.

إن الذين يعتقدون أنهم الملاك الحصريون للحقيقة، وأنهم وحدهم الذين يفهمون ويعرفون ويجيدون كل شيء، وأنه لا ضرورة لآراء الآخرين وانتقاداتهم، ووجهات نظرهم، هؤلاء يحتاجون لمراجعة عاجلة لهذه القناعات التي انتهى زمانها، أو إلى تقليب بعض صفحات التاريخ، عندها قد تنتعش ذاكرتهم ويقررون الإصغاء!

Email