مواقف لا ننساها

ت + ت - الحجم الطبيعي

حدثني صديق مصري، عن علاقة عميقة جمعته بعائلة مصرية في أبوظبي بدأت بمصادفة، وانتهت بصداقة عميقة، أما المصادفة فكانت في العام 2014 وكان هو ضيفاً على معرض أبوظبي للكتاب، وذات يوم خرج مع مجموعة من أصدقائه لحضور مناسبة ما، وفي لحظة افترق عن أصدقائه، ثم ابتعد كثيراً، ليجد نفسه قد ضل الطريق ولا أحد ليسأله، ولا وجود لهاتف معه، فوقف حائراً ينتظر فرج خالقه.

في لحظة الارتباك هذه، ييسر لك القدر من يخرجك مما أنت فيه، وقد يسر الله له رجلاً نبيلاً تمكن من الوصول إلى بقية زملائه، ثم استدعى زوجته التي سارعت إلى المكان بسيارتها هي الأخرى، لينقل الجميع إلى فندقهم، بكل محبة وأريحية، ولتنعقد أواصر صداقة بين هذه الأسرة وبين صديقي الذي كان يحكي لي الموقف مستعيداً تأثره الشديد، خاصة بعد أن غادر الزوجان دون أن يتركا اسميهما أو أي علامة تدل عليهما، وفي اليوم التالي التقى الجميع تحت سقف المعرض وتعارفوا أكثر، ولتتجذر الصداقة بينهم حتى اليوم.

ثم مرت الأيام بين أبوظبي والقاهرة، وجرى نهر الحياة كما يجري منذ أبديته الممتدة، وإذا بالصديق يصدر في هذا العام 2021 كتاباً قيماً، يخصص إهداءه لصديقيه اللذين عرفهما في ذلك الموقف، في لفتة وفاء شاهقة المعنى.

ذكرتني حكاية الصديق بحكاية مشابهة حدثت لعائلة إماراتية كانت تقطع طريقاً طويلاً بين أقصى غرب النمسا إلى داخل الأراضي السويسرية العام 2017، وإذا بهم يضلون الطريق وسط غابات جبلية بعد أن نشر الليل ملاءته المظلمة على كل ما حولهم ليسقطوا في الخوف، والحيرة، وليتوقفوا بانتظار فرج خالقهم، فجأة انفرجت الظلمة عن سيارة تقودها سيدة سويسرية وصديقتها اقتادتنا بأريحية أصيلة لا يمكن أن أنساها إلى وجهتنا تماماً، وبعد الشكر والكثير من الامتنان لوحت لنا المرأة وغادرت دون أن تترك لنا اسمها، لكن ذلك الموقف لن يغادر ذاكرتي ما حييت!

 

Email