تجربة سفر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يسافر الناس في هذه الأيام بمشاعر متضاربة، يسافرون كأنهم يفعلون ذلك للمرة الأولى في حياتهم، أو كأن عمراً طويلاً مر منذ آخر مرة حزموا فيها الوقت والحقائب وسافروا، لكنهم في معظمهم يسافرون بشيء من الاستثارة، وكثير من التوجس، وحول رؤوسهم تدور نجوم تكاد تُرى، يطل خلف كل نجمة سؤال أو أكثر، ولولا الشغف وحب الحياة، لقتلتنا جميعها تلك الأسئلة (السخيفة)!

أسئلة من شاكلة: ألا نجازف كثيراً بهذا السفر؟ هل من الضروري أن نسافر في هذا الوقت الممتلئ بالتحذيرات والمخاوف من فيروسات وموجات أكثر خطراً؟ وماذا يضمن ألا يتسلل لنا الفيروس من أي ثغرة لا ننتبه لها؟ ماذا يؤكد لنا سلامة الإجراءات ودقة الاحتياطات في الطريق من بوابة المطار ذهاباً وعودة؟ ماذا لو أُصبنا بفيروس «كورونا» ونحن هناك؟ وكثير من الـ (ماذا لو؟)، التي تحفر في حقل مخاوفنا بسهولة!!

الذين ينحازون للحياة ويتراصفون متفقين مع قول القائل (وفاز باللذة الجسور)، عليهم، وهذا ما يفعلونه بالتأكيد، أن ينحوا كل تلك الأسئلة جانباً، وأن يستأذنوا منطقهم والمنطق المسيطر بأن يتخلى عنهم لعدة أيام، إكراماً لقلوبهم التي تتلهف لمسافة سفر، كما تتلهف صحراء لزخة مطر أو موسم خصب، أن قلوبنا ستجف، وستتشقق كأرض نسيت المطر، لذلك لا نجاة إلا بالتجربة.

وبعد أن تجرب سفرك الأول بعد هذه العزلة والحظر وموسم «كورونا» البائس، الذي طال كثيراً، ستكتشف أنك بشيء من الانتباه والحذر، ستعيش تجربة سفر عادية، تشبه أي مرة سافرت فيها قبلاً، لا شيء مختلف سوى ذلك الفحص الضروري، حماية لك وللآخرين، وهو ما أصبح متوفراً وميسراً للجميع، وتلك الكمامة التي ستغدو من مخلفات الماضي قريباً جداً.

Email