الخروج من دوائر العزلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنت قد نويت السفر منذ أكثر من شهر، لكن وبسبب الظرف الاستثنائي، الذي يمر به العالم بسبب جائحة «كورونا»، فإنه لا شيء يبدو ثابتاً أو مضموناً، حيث للأزمنة الاستثنائية قوانينها، حين تنتقل الحياة إلى وضعية غير معتادة ومتغيرة طوال الوقت، في الحقيقة تصير الحياة كلها مسجلة على قائمة الطوارئ: حياة الناس، علاقاتهم، ارتباطاتهم، أعمالهم، تنقلاتهم وأسفارهم.. كل شيء يمكن أن يتبدل فجأة، وأن يحل مكانه وضع مختلف جملة وتفصيلاً!

ومع ذلك فالإنسان استطاع أن يتكيف وأن يتأقلم، تأقلم مع الوباء، مع الموت، مع الفقد، مع العزلة والحجر، مع انقلاب الموازين في البيوت وبيئات العمل، مع قوانين منعت التنقل والسفر و… ومع كل شيء، ما يؤكد قدرة الإنسان على الاستمرار والبقاء تحت أية ظروف، فإن لم يقدر فعلاً فإنه يتحايل، أو يتظاهر، وهي أشكال أخرى للتكيف على أية حال.

بعد عام ونصف من العزلة ومنع السفر، حزمت أمتعتي وتوجهت إلى المطار، في الطريق حدثت نفسي (ها أنا أسافر مجدداً، وها هي أشهر العزلة قد أصبحت خلف العالم)!

لقد أغرقنا الخوف من «كورونا» في دوامات بلا نهاية، وما كدنا نلامس حافة الأمل، ونطل برؤوسنا خارج دوائر العزلة حتى هطلت علينا تداعيات «كورونا» بظهور التحورات الجديدة والشرسة للفيروس، فعاد القلق والمخاوف، وعدنا لمربع الخوف الأول، بعد أن كدنا نصدق أننا انتهينا، إثر اكتشاف التطعيم المضاد لـ«كورونا»، وتجاوز عدد المطعمين حاجز الأربعة مليارات إنسان.

بدت الإجراءات في مطار دبي غاية في السلاسة، لا طوابير ولا تأخير، والجميع في كامل استعداداتهم، بدا الأمر وكأن كل المخاوف والقلق الذي عشناه لم يكن مبرراً، وها نحن نستعيد أجنحتنا لنحلق بعيداً. وها نحن نستعيد اجنحتنا لنحلق بعيدا، وطرقاتنا لننطلق بأحذية من ريح.

Email