كيف سنكون سعداء إذن؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي تتوالى فيه المتاعب والمشاكل والكوارث تلو الأخرى، حتى ما تكاد كارثة تتلاشى إلا وتتبعها أخرى، أصبح الحديث عن السعادة وراحة البال أمنية مستحيلة شبيهة بالبحث عن إبرة في كومة قش!

فإذا صرَّحت بأنك تتشهى هذه السعادة نظر إليك من حولك وكأن لسان حالهم يقول عن أي سعادة يتحدث هذا؟ وأي بهجة يمكن الحديث عنها وسط كل هذا الذي نعانيه؟ والحقيقة أنهم لو نظروا للأمر بعين التبصر لعلموا أن الإنسان في كل تاريخه وأزمنته لم يسعَ لهدف في حياته بقدر سعيه للسعادة، رغم كل الكوارث التي مرت به!

إن الوصول إلى المستوى المطلوب من هذه السعادة قد يتحقق بأبسط المظاهر، وهذا ما يعرف بالرضا بما هو متوافر، من هنا اعتبر الرضا مرادفاً موضوعياً للسعادة، أو بالحصول على ما هو أكثر كالحياة المرفهة المحاطة بأكبر قدر من وسائل الراحة، عبر الاجتهاد والعمل الدؤوب والعلم وعبر المال والتقنية، وأحياناً أخرى عبر الدين والقيم والفلسفة ونهج الخير والتسامي والرضا، ولا يزال السعي للسعادة قائماً.

الكاتب الفرنسي شارل بيبان، قدم لقرائه رواية جديدة بعنوان «الفرح.. رواية رجل سعيد» عبارة عن تأمل في فلسفة السعادة ومعنى الفرح، وحتى لا يختلط المفهومان على الناس، يقول بيبان إن السعادة عبارة عن حالة الرضا الدائم لدى الإنسان عن كل ما لديه وما يحيط به، دون أدنى حاجة لتغيير أي شيء، أما الفرح فهو حالة طارئة لا علاقة لها بالسعادة، لكن لها علاقة بحدوث أمور تبعث البهجة والإثارة في النفس كرؤية حبيب أو احتساء القهوة في مكان مفضل مثلاً.

إن السمة الغالبة على معظم الناس اليوم هي عدم الرضا عن أي شيء، عن زواجهم وأصدقائهم، تصرفات أبنائهم، الراتب الذي يتقاضونه، زملائهم في الشغل، ما تبثه وسائل الإعلام، الجيران، تخطيط المدينة، حتى خطبة الجمعة وأصدقاء الأبناء لا نرضى عنهم، كيف إذن سنحظى بالسعادة التي نظل نتحدث عن فقدانها طوال الوقت؟

Email