لا تؤجل الرحلة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

نحن لا ننتبه، مع أن الأمر من الأهمية بحيث يحتاج لأن نتوقف عنده كثيراً ونفكر لماذا وصلنا أو أوصلنا أنفسنا لهذا المأزق: مأزق أن نتعامل أو نعيش حياتنا وكأننا نعبر زمناً فائضاً من أعمارنا، زمناً غير محسوب، زمناً سنكسب غيره وسنعيشه لاحقاً! كثيرون يظنون أن للعمر نسخاً ومحاولات، كألعاب الحظ تماماً، فلماذا يعتقد البعض بأنه يتدرب على فعل الحياة، حتى يحظى بالحياة التي يريدها؟

من يعتقد أن بإمكانه أن يؤجّل حياته إلى حين، كمن يعتقد أنه يؤدي دوراً مؤقتاً على خشبة المسرح، وأن بإمكانه أن يفكر ويخطئ، أو يمسح ويضيف، أو يغير في التفاصيل التي لا تروقه بعد نهاية العرض وانصراف الجمهور، هؤلاء الذين يؤجلون حياتهم، حتى يفرغوا من أعمالهم المهمة أو جريهم المحموم باتجاه العمل والثراء والمناصب والصراعات و..، يعيشون وكأنهم أشخاص ليسوا هم، ليسوا أصحاب هذه الفرصة الواحدة، فقط، للحياة .

تطلب منه عائلته أن يكون معهم، يشاركهم، يتابع نجاحات أبنائه، يكون في فرح إخوته، يسافر مع أصدقائه، يستمتع بوقته، فيكون جوابه حاضراً على الدوام (فيما بعد) لكن هذا الـ(فيما بعد) لا يأتي أبداً، والحياة لا تنتظر!

أرسلت زوجة إلى زوجها صورة لعجوزين مسافرين إلى فينيسيا، يظهران وقد جلسا في قارب الجندول الشهير، وخلفهما يجلس الفتى الذي يجدف بهما مقهقهاً، فقد كان العجوزان يغطّان في سبات عميق. وقد كتب أعلى الصورة (لذلك عليك أن تسافر وأنت لا تزال شاباً)!

لا تؤجل حياتك، فمن يؤجل حياته يفسد مسرات العمر بلا طائل! إن هذه الرحلة التي قطعها عجوزان لم يقاوما النوم، واحدة من أجمل النزهات التي يمكنك القيام بها في وقتها، بصحبة من تحب، وعلى متن قارب الجندول في قنوات فينيسيا الساحرة، شريطة أن لا تؤجل الرحلة!

Email