القارئ كيف يرى كاتبه؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

كيف يتعامل القراء مع كتابهم الذين يقرؤون لهم أو يتابعونهم بشكل جيد، كقطعة قماش يفصلونها بحجم رؤاهم واهتماماتهم، أم كشخص وجد لأجل أن يكتب ما يريدون أن يعرفوه، أي باعتباره ناطقاً رسمياً بالنيابة عنهم وخاصة حين لا يصل صدى صوتهم إلى حيث يريدون، أم أنهم يرونه ذاتاً حرة يعبر عن نفسه أولاً، وقد يتقاطع معهم في مناطق معينة، كما قد يختلف في نقاط أخرى وهو أمر منطقي، لا يستدعي الاعتراض ولا الرفض منهم؟!

إنه لا يمكن لكائن واعٍ بما فيه الكفاية، انتشل نفسه من براثن أشياء كثيرة في الحياة كان بإمكانها أن تجرفه بعيداً، وقاوم وتعب كثيراً ليكون هذا الكاتب الذي يمتلك هذه المساحات وهذه البصيرة، ألّا ينتصر في نهاية المطاف لنفسه، بل أن يطالبه البعض بالانحياز لرأي الآخرين وليفصل رأيه وفق مقاساتهم وإرادتهم، هذا تصور لا يستقيم مع شرط الكتابة، إلا إذا كان الكاتب المقصود هو كاتب الرسائل بالأجرة أو كاتب الدولة العمومي!

الكاتب إنسان حر بالدرجة الأولى، قبل الثقافة والمعرفة والمواقف، الحرية هي شرطه الإنساني الأول الذي تشكل وعيه بسببها فاختار الكتابة، هذه المواجهة العلنية للحياة من دون مواربة أو متاريس من أي نوع، إنه يكتب ليتحرر وليشفى من كثير من سوءاته وإشكالياته الخاصة، ليجرؤ على الفهم وتكوين موقف واضح من كل ما يحيط به، هذه الحرية هي حقه وشرطه وهويته، ولذلك يبدو غريباً أن يحتج أحدهم على كاتب لأنه يكتب عن قط صديقه، أو علاقته بالبحر أو أحلامه التي بدأت تتحول لكوابيس أو.. عادّاً أن هذه موضوعات تافهة تعبر عن أفق ضيق!

هذا (الأحدهم) يظن أن متابعته كاتباً معيناً هي فضل ونعمة يسبغها على الكاتب، يترتب عليها أن يتدخل في تحديد أجندة اهتمامات وموضوعات وأفكار الكاتب.

لا أدري أيهما متعثر في ضيق رأيه وفكرته؟

 

Email