اقتباس!

ت + ت - الحجم الطبيعي

(إذا كنت تقرأ الكتب، التي يقرأها الآخرون فقط، ستفكّر في ما يفكر فيه الآخرون فحسب)! هل قرأتم هذا الاقتباس سابقاً؟ أو مرَّ بكم في رواية أو كتاب أو منشور ما، على أحد مواقع التواصل مثلاً، وتحديداً لدى هؤلاء الذين ينشرون الاقتباسات دون تفكير أو مراجعة؟

اختصاراً، هذا الاقتباس ورد في إحدى روايات الكاتب الياباني هاروكي موراكامي، وهو ليس كاتباً مفضلاً بالنسبة إليَّ، رغم أن له معجبين كثراً حول العالم، يتحدثون عن عوالمه بإعجاب شديد، وليس لديّ اعتراض عليهم بطبيعة الحال، فالجميع أحرار في ما يقرأون، لكنني لم أحب كتابات الرجل، ربما لبعدها عن أفكاري، وربما لسوء الترجمة.

مع ذلك، شعرت بأن الاقتباس الوارد مستفز بالفعل، وقد اعترض كثيرون على الفكرة المضمرة فيه، وكأن الكاتب يقول: إن الكتب فقط هي من تعطي الإنسان الأفكار، وإن الكتاب أو الرواية نفسها إذا قرأها عشرة أشخاص سيصبحون بالضرورة نسخاً متشابهة من بعضهم بعضاً في ما يتعلق بطرق تفكيرهم واستنتاجاتهم وأحكامهم، فهل هذا ما يحدث فعلاً؟ وكأن الناس إذ يقرأون يجلسون في فصل دراسي، ليتلقوا كتاباً مقرراً في منهاج حكومي ملزم!

أظن أن العبارة واحدة من أكثر الاقتباسات مجانبة للمنطق، فنحن نقرأ الكتب والروايات نفسها، منذ عشرات السنين؛ لكننا لم نتحول إلى أوعية تفكيرية متشابهة، ولدينا المجموعات القرائية، وأندية الكتب، وشباب «البوكتيوبرز»، والكتاب.. إلخ، إنهم يقرأون الكتاب نفسه، لكن محصلتهم اللغوية والنقدية والمعرفية المسبقة تفرض نفسها أمام أي كتاب أو خبرة جديدة!

إلا إذا كان الكاتب يفترض أن الإنسان يأتي للكتاب فارغاً خالياً من أي معرفة، وهذا غير صحيح، فكما نجلس إلى التلفزيون، لنشاهد فيلماً أو نسمع خبراً، ليخرج كل منا بخلاصة ووجهة نظر مختلفة عن الآخر، كذلك نحن مع الكتب، ذلك أننا أوعية إنسانية ممتلئة بالخبرات والمعارف المسبقة، وما الكتاب الجديد سوى إضافة أخرى!

Email