حين تكون السينما حقيقية!

ت + ت - الحجم الطبيعي

أستطيع التأكيد أنه بعد قراءة كتاب ممتع تأتي مشاهدة السينما كواحدة من الأشياء التي تبهجني، وظلت تفعل ذلك دائماً، والمهم -كما الكتاب- أن يكون الفيلم ممتعاً، مؤثراً، وعميقاً من حيث تناوله تفاصيل وقضايا وأفكاراً وسِيراً إنسانية، فالإنسان هو عصب الإبداع، مبدعاً كان أو موضوعاً يتم تناوله أو معالجته.

فكيف تبدو الحياة داخل هذه الأفلام التي نشاهدها بهذه المتعة؟ يحدث ذلك حين تكون قماشة الفيلم مشغولة بحرفية فائقة؛ مخرج محترف، ممثلون أكفاء مناسبون تماماً لأدوارهم، موسيقى مؤثرة، كاميرا يعرف صاحبها كيف ينقِّلها بين الظل والنور، بين العتمة والإضاءة، بين الحيز الضيق والفضاء المفتوح، كاميرا تتحدث دون كلام!

هنا يصبح أمامنا فيلم عظيم مشغول بحرفية عالية كما قطعة الدانتيل النادرة، كتلك الأفلام التي مثلتها جوليا روبرتس، وفاتن حمامة، وميريل ستريب، وأخرجها مخرجون كبار لا سبيل هنا لحصر أسمائهم، لكنهم قدموا سينما للحياة، والمتعة، والذوق والذائقة، والقيم الجمالية، وليست لتصنيع العنف واللاأخلاقية والتفاهة.. إلخ، كهذه الأفلام التي تملأ الأفق هذه الأيام.

يعيش الإنسان داخل الفيلم تماماً مثلما يحدث حين يقرأ رواية فيكون البطل هو الراوي العليم والمطلع على كل الخفايا والأسرار، أنت تشاهد بعض الأفلام فتشعر بأن هذا البطل هو أنت أو هو صديقك، وأن الفقر الذي يعيشه قد مررت به أو لا زلت فيه، وأن الأحلام التي تملأ رأسه تنتابك أنت أيضاً، وأن إخوته يشبهون إخوتك..

هكذا شعرت وأنا أشاهد فيلم «أنجيلا آشز» المبنيّ على رواية «رماد أنجيلا» للروائي الأمريكي من أصل إيرلندي فرانك ماكورت، الذي سرد فيها قصة طفولته في حي «ليمرك» الأيرلندي البائس، منذ كان في الرابعة حتى هجرته إلى أرض الحلم نيويورك.

Email