مقاومة الأزمة بالسخرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان الثابت على مستوى ثقافات وسلوكيات الشعوب أن المصريين شعب يتمتع بدرجة عالية من الظرف واللطافة وخفة الدم، ولذلك فهم ينتجون النكتة طيلة يومهم، وقد وضع الصحفي المعروف (عادل حمودة) كتاباً أسماه (النكتة السياسية - كيف سخر المصريون من حكامهم)، تتبع فيه على مدى التاريخ السياسي الحديث للمصريين الكيفية التي قاوموا بها طغيان حكامهم وتدهور الأوضاع السياسية أو الاقتصادية التي كانوا يعانون منها، والطريقة التي واجهوا بها هزائمهم العسكرية مثلاً وتحديداً هزيمة 1967 زمن الرئيس عبدالناصر.

لقد ابتدع المصريون طوال تاريخهم (النكتة) كمضاد حيوي لتأزم الأوضاع والأحوال، فصاروا يقاومون بالسخرية قسوة الحياة، وبطش المتسلطين، وتغول الطغاة والمتنفذين وبها يحاربون الفساد على كل الجبهات، ويعلنونه دون أن يكونوا في مرمى نيرانه، هكذا ابتدعوا طريقتهم في المقاومة السلمية، المقاومة بالنكتة، بالسخرية، بالمسرح والفيلم والأغنية.

لطالما كانت السخرية (النكتة والكاريكاتير والمسرح الساخر) هي الشكل الأكثر شيوعاً لما بات يعرف بفن (المقاومة بالحيلة) عند معظم الشعوب ذات المزاج الشرقي تحديداً كشعوب البحر المتوسط والشعوب اللاتينية، وإضافة لمقاومة الطغيان والفساد فالنكتة آلية ممتازة للدفاع عن النفس وحمايتها ضد الحزن واليأس والإحباط وسائر الأمراض النفسية التي تواجه الإنسان في أوقات الأزمات، كهذه الأوقات العصيبة التي تعبرها البشرية هذه الأيام!

لقد كشفت الأزمة الحالية التي وحدت البشرية أمام خطر مواجهة الوباء أن الإنسان يحتاج للسخرية والضحك والنكتة كما يحتاج للعلاجات الدوائية، والمعقمات والطعام، أنه يتحصن بها كي لا يسقط صريع الخوف والهواجس، لذلك يظل الناس يتبادلون النكات ويسخرون من المرض ومن تعاطي الناس معه ليس استخفافاً وإنما لمجرد الشعور بالاستقواء عليه.

 

Email