لا بديهيات بعد اليوم!

ت + ت - الحجم الطبيعي

المقولة التي نلوكها باستمرار عن صعوبة إرضاء الجميع (رضا الناس غاية لا تدرك) ليست صحيحة فقط، بل إنها المقولة التي عادة ما تصدمنا في تلك المواقف التي نظن أنها بديهية، وأن على الجميع أن يتفقوا عليها دون جدل أو نقاش، لكن يبدو أن الاتفاق حول البديهيات أصبح مستحيلاً في هذه الأيام التي نما فيها عند كثيرين شعور التباهي بالجهل والعناد!

لقد أصبح سائداً بل ومقبولاً جداً هذا الجدل الذي يلجأ إليه البعض لتعزيز مواقفهم الخاطئة، والذي قد يخرجك من ثبات عقلك، لأنك تعلم أنهم لا يريدون الإقرار بالحق أو الاعتراف بالخطأ، بقدر ما يريدون القفز فوق المنطق جهلاً وعناداً!

فالدكتور مجدي يعقوب مثلاً الذي حل ضيفاً كريماً على دبي منذ أيام وتم تكريمه بوسام الشيخ محمد بن راشد للعمل الإنساني، قد بلغ من العلم والتقدير مكانة رفيعة قلما يصل إليها أحد في مجال تخصصه، وقد التقيته في أحد المطارات منتظراً كأي راكب، محتملاً المتاعب وتأخر مواعيد الرحلة، دون أن يثير أي شكل من الصراخ أو يعلن عن حضوره بطريقة مستفزة أو استعراضية!

لقد صادفك بعض المسافرين من المشاهير وغير المشاهير وهم يثيرون زوبعة من الاعتراضات على بعض إجراءات المطارات، فيرفعون أصواتهم بالصراخ إعلاناً عن حضورهم ولفتاً للانتباه، ثم يأتيك من يقول لك: طبيعي أن يحظى المشاهير بمعاملة خاصة، فلماذا لا يحظى بهذه المعاملة من يستحقها فعلاً؟ عندها سيصدمك جوابه وهو يقول لك (لأن هؤلاء العظماء يعلموننا درساً في التواضع!!). فانظر كيف يمكن قلب المنطق رأساً على عقب، فيما تظن أنت أن البديهيات متفق عليها! ما من شيء بقي في وضعية المتفق عليه بعد الآن على ما يبدو!.

Email