ورطة.. الناقد!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يكتب الناقد السعودي عبد الله الغذامي، أستاذ النقد والنظرية بجامعة الملك سعود، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ما يلي: «أنت ناقد، ويتواصل معك شخص محترم، يسألك ما رأيك بعملي هذا؟ فإن قلت له رأيك أغضبته، وإن جاملته خدعته، وإن تغافلت لامك، حينها تتمنى أن لم تك ناقداً قط»!

كرجل يعمل في النقد الثقافي والأدبي ويتخذه عملاً ووظيفة وصفة، مثل الدكتور الغذامي، وله فيه مؤلفات كثيرة، يفترض به أن يكون بعيداً تماماً عن الوقوع تحت تأثير هذا الهاجس اللاموضوعي، فأي شخص يسعى لمعرفة رأيه أو الاستئناس بنصيحته فيما يخص مؤلَّفاً أو كتاباً أو رواية، وجب عليه أن يعرف مسبقاً أنه يقصد ناقداً محترفاً، طرح نفسه وأفكاره في الفضاء العام بهذه الصفة، سواء في الصحافة والمؤلفات العلمية الرصينة، أو في قاعات الدرس الجامعية، والمحاضرات والندوات والمؤتمرات، وعليه فإن التعاطي بغضب وزعل و..و..، لا يتفق تماماً مع مكانة وموقف الناقد!

إن المشكلة في الحقيقة ليست في الناقد نفسه، ولكنها في الذهنية العامة التي تحكم الكثيرين، فهم حين يذهبون طلباً لرأي ذوي الاختصاص، مسلِّمين بعلمهم وتمكنهم ومصداقيتهم العالية، فإنهم بلا شك لا ينتظرون أمراً لا يتناسب مع تقييمهم العالي لأنفسهم وأعمالهم، وكأنهم حين يطلبون رأي أمثال هؤلاء النقاد، خاصة إذا كانوا يعرفونهم بشكل شخصي، فإنهم يفعلون ذلك متوقعين رأياً إيجابياً بالضرورة ومادحاً ومثنياً بلا شك، الأمر الذي يؤكد موهبتهم الفذة في مرآة أنفسهم أولاً، ويضفي تلك المشروعية العلنية التي يسعون للحصول عليها!

من هنا، إذا قلت لأمثال هؤلاء رأيك بتجرد، استجلبت «زعلهم منك»، وإن جاملتهم استجلبت «زعلك من نفسك»؛ لأنك مارست تضليلاً لا تعرفه في نفسك، وإن التزمت الصمت اتهمك بالتجاهل والتقصير، هذا ما يحدث دائماً، وكنت أظن أن كبار النقاد في منجى من هذه الورطة!

Email