تونس.. أمل التغيير!

ت + ت - الحجم الطبيعي

فرحنا، بل كادت الأرض لا تحملنا فرحاً بتلك الانتفاضات التي اجتاحت الشارع العربي مع نهاية عام 2010، حين أوقدت تونس شعلة أولى الانتفاضات يومها، فرحنا بتلك الروح الجديدة التي اجتاحت شباب العرب فتصاعدت صيحاتهم تملأ الشوارع والميادين والأزقة، فرحنا يومها لأننا اعتقدنا وصدّقنا أن العربي بإمكانه أن يغيّر واقعه إلى الأفضل حين يغيّر نفسه ويعلي همته، ويتخلص من أشباح الخوف والعجز والتخاذل واللامبالاة، فيرفض الظلم، ويقول لأنظمته الشمولية والفاسدة: «لا»!

لهذا فرحنا يومها، ولهذا امتزجنا وتماهينا مع هدير تلك الشوارع الصاخبة ومطالبها العادلة، قبل أن تتكشف تلك الانتفاضات عن التفافات وتضليل ومؤامرات سرقت ثورات الشباب وركبت موجتها، وغيّرت الدفة إلى وجهات لم تخطر ببال أحد من أولئك الشباب الذين ضحّوا بحياتهم لأجل الكرامة والحرية والحقوق، فإذا بأوطان الثورات تتحول إلى نفق طويل تُحكم تيارات الإخوان سيطرتها عليه!

فأي إنجاز أن نستبدل بأنظمة شمولية أنظمةً ثيوقراطية دينية ومتطرفة؟ لقد تسلل حزب النهضة في تونس إلى أروقة الحكم ومقاعد البرلمان بطريقة التحالفات السياسية مع الرئيس المرزوقي أولاً، ثم السبسي ثانياً، لتُفاجأ تونس كلها بأنها زُجّت في واقع لم تعتده ولم تتصور أن تصير إليه، تونس المجتمع المدني المتطور والمتحضر، تونس القوانين التقدمية والحراك الثقافي وتطور أوضاع المرأة، والتعليم والفلسفة والأدب والشعر، أما في مصر فما فعله بها الإخوان لم يكن أقل خطراً!

البارحة بدأ التونسيون التصويت في انتخابات رئاسية لا يمكن لأحد التنبؤ بنتيجتها بسهولة، مع ذلك أغلبية التونسيين مصرُّون على رفض الأجندة الإخوانية بكل تداعياتها وإملاءاتها الخارجية، بالرغم من أنهم يرزحون تحت راهن اقتصادي صعب، وإشكاليات ديمقراطية شديدة التعقيد.

 

Email