ماذا يخيفك؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا سألت الناس الذين حولك: بعض أهلك، أصدقائك، زملائك في الجامعة أو العمل عن ما يخيفهم، فإن معظمهم سينكرون وجود أمر يخيفهم، لكن الحقيقة هي أننا جميعاً نخاف من أمر ما، هناك فكرة تستقر عميقاً في داخلنا وتخيفنا، لذلك نحاول إما أن ندفنها في طبقات اللاوعي فلا نقترب منها أبداً، وإما أن نعمل ما في وسعنا لنذلل أو لنتغلب على كل ما قد يقود لذلك الأمر المخيف، لنتفق أن أحدهم لديه هاجس يلح عليه باستمرار حول إمكانية موته في حادث طائرة مثلاً، فمن الطبيعي أن يتجنب هذا الشخص السفر بالطائرات طيلة حياته... وهكذا!

نحن نخاف لأننا بشر طبيعيون، أما ما يمكن اعتباره أمراً غير طبيعي فهو أن يتحول الخوف إلى رهاب أو ما يعرف بالفوبيا. أي المرض الذي يستدعي العلاج، عدا ذلك فإن لدى جميعنا مخاوف مختلفة تكونت فينا عبر سنوات العمر، مردها أولاً للطريقة التي تربينا بها، ولدرجة التقدير والاحترام التي عوملنا بها من قبل المحيط الذي نشأنا فيه، وثانياً لعدد المرات التي كنا فيها سنوات طفولتنا عرضة للتعنيف من قبل الكبار، وثالثاً تشكل توجيهات الأبوين وما غرسوه في أعماقنا من التعليمات والموانع والنواهي سبباً رئيساً للمخاوف أو الأوهام التي نرزح تحت وطأتها.

وبلا شك فإن للأوهام التي نكونها ونحن نكبر سواء بأنفسنا أو بتأثير أصدقائنا وزملائنا شيئاً فشيئاً فنأخذ في فهم وسبر حقيقة ما يمر ويحيط بنا، فما نعرفه يمر بوضوح وما لا نجد له إجابة أو تفسيراً فإننا نحاول تفسيره بطرقنا الخاصة في تلك السن المبكرة، وشيئاً فشيئاً يتحول إلى مخاوف بشكل أو بآخر مندسة في أعماقنا دون أن نفصح عنها! إن ما نكرهه أو نخاف منه أو يرعبنا أو يؤذينا أو يصدمنا ولا نملك دفعه عنا أو مقاومته أو الوقوف في وجهه بندية يتحول تدريجياً إلى خوف حقيقي، يظل كامناً وقد يلوح عند أول فرصة أو موقف يذكر به أو يستدعيه!

وفي كل الأحوال فالخوف لا يعتبر شعوراً معيباً أو سيئاً بل العكس تماماً، فإن الخوف يعتبر رد فعل أساسي يجعل الفرد يتعامل مع الخطر بما يتطلبه وبما يحميه ويقيه من الخطر، أما السيئ في الأمر فهو تحول الخوف إلى مخاوف وهمية، شعور دائم بالذنب، إحساس قاتل بالخطر، أوهام وتصورات غير حقيقية بنيت على سوء فهم لمواقف ومشاهد مرت بنا في فترات بعيدة، وأن نظل معتقدين أننا سنلقى حتفنا في انفجار سيارة مثلاً أو أننا السبب في موت قريب لنا أو في سجنه مثلاً..

Email