المرأة السعودية.. القيادة والتمكين

ت + ت - الحجم الطبيعي

ستنظر السعوديات أولاً والسعوديون بشكل عام إلى تاريخ 30 يونيو 2018 باعتباره علامة فارقة في تاريخ المملكة، فالأمر السامي الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات اعتباراً من يونيو 2018، يعتبر بكل المقاييس أحد أهم القرارات السياسية في مسيرة المرأة السعودية .

وبلا شك، فإن هذا القرار لم يكن مفاجئاً لكل متابعي خطوات التطوير والتغيير في المملكة منذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، لكن هذه الخطوة الجريئة، وإن كانت متوقعة ومنتظرة، فإنها ستعيد تشكيل الكثير من الصور النمطية حول واقع المرأة، وجدية المشروع التطويري الذي يقوده الملك، ورؤية 2030 التي تحدّث عنها ولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان، الذي جعل المرأة واحدة من أهم ركائز مشروع التطوير والتنمية بشكل جدّي وحقيقي وملموس.

سيتم تداول الأمر وفق جدليات معروفة خلال الأيام المقبلة، وسيُذكر الكثير عن أن قيادة السيارة ليست دلالة حقيقية على التطور والتخلف، وإنما هي نتاج أو إفراز حركة واحتياجات الإنسان في سيرورته الحياتية، وسيكون لأصحاب المنظور العقائدي آراء مناهضة، وللمتشددين السائرين دوماً ضد حركة التاريخ والحياة آراؤهم المعترضة، هذه الآراء التي ستدل عليها دلالة واضحة كمية الرسائل والمواد الإعلامية التي ستحوي وجهات نظر ساخرة ومتهكمة بموضوع قيادة المرأة السعودية.

كل ذلك في الحقيقة يبدو متوقعاً تماماً، بل طبيعياً بالنسبة إلى تيارات عاشت تتربع على عرش انتصارها ضد حركة تطوير المرأة ومسايرتها لقوانين العصر وحركته، ومع ذلك فإن هناك في المقابل حركة ترحيب فائقة المستوى بهذا القرار، ليس في الداخل السعودي فقط، ولكن في المحيط الإقليمي الخليجي والعربي والدولي، ذلك أن منع المرأة من قيادة السيارة لطالما كان موضوع جدل واسع النطاق، وأساساً لتوجيه الانتقاد والهجوم إلى مشاريع التنمية والتطوير!

ولتأكيد حكمة وبعد نظر القيادة السعودية، فقد تم دعم المرأة بشكل أكثر دلالةً وأعمق أثراً، عندما تم تعيين نساء سعوديات في مراكز قيادية مديرات جامعة مثلاً، وتعيين ست مستشارات في عام 2005 مستشارات في مجلس الشورى، وفي عام 2011 حصلت المرأة السعودية على حق الانتخاب والترشح في المجالس البلدية، وهو ما طُبّق في ديسمبر 2015.

إن المرأة السعودية، بهذا القرار، تسد الباب أمام جدل حقوقي اجتماعي ثقافي لطالما أرّقها، لتنطلق في مسيرة بناء بدأتها وشاركت بها منذ سنوات طويلة، فهنيئاً لها ما تحقق وما سيتحقق.

Email