لا خصوصية بعد اليوم!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس هنا تعريف محدد لحق الخصوصية بشكل متفق عليه في كل القوانين، كما أن هناك من لا يعتبره حقاً قانونياً منفصلاً كالحق في الحياة والتعبير والتنقل و.. إلخ، ما جعل خصوصية الأفراد عرضة للاختراق دائماً، وخاصة حين يكون هؤلاء من المسؤولين أو المشاهير، لقد قامت على ظاهرة اختراق خصوصية حياة هؤلاء صحافة عُرفت بالصحافة الصفراء أو صحافة الفضائح، بدأت في الولايات المتحدة وازدهرت فيها قبل أن تنتقل إلى كل العالم، وقد كانت الأميرة البريطانية ديانا واحدة من أشهر ضحايا هذه الصحافة، ما جعل بريطانيا تصدر قوانين خاصة فيما يخص الصحافة بشكل عام.

المفارقة هي أنه كلما تطورت الحياة وتقنيات الاتصالات وزادت المطالبات لتأكيد حق الخصوصية، أصبح انتهاك هذه الخصوصية أكثر شيوعاً وسهولة، لقد كان الهاتف المنزلي مشتركاً، وكان بإمكان الأب أو الأم أن يرفعا سماعة الهاتف من غرفتهما ليعرفا مع من يتحدث ابنهما أو ابنتهما، اليوم اختفت هذه الهواتف وأصبح لكل فرد هاتفه الشخصي، لكن مراقبة هذا الهاتف والتنصت عليه باتا مشاعين، في ظل تطور برمجيات وفيروسات التجســـــس والفيروسات التي ترسل بأشكال وأنواع، لتنقل كل المعلومات في هاتف أي شخص إلى جهات مجهولة!

يبدو واضحاً أن صحف الإثارة لن تحتاج إلى دفع المزيد من الأموال لقاء صور حصرية يلتقطها مصور سري يتعقب المشاهير لمعرفة أين سيقضون إجازاتهم، ومع من، وفي أي الجزر، وعلى مواقع التواصل يتبرع هؤلاء بكل بساطة لإخبار الجميع بكل أسرارهم العاطفية وعادات أطفالهم وما تحتويه خزانة ملابسهم، كما يسجلون كل ما يخص أسفارهم وطعامهم ونزهاتهم وتسوقهم لحظة بلحظة دون أي اعتبار للخصوصية.

ومثل المشاهير، يفعل الناس العاديون الشيء نفسه، فيعرضون حياتهم وحياة أطفالهم وكل تحركاتهم عبر تطبيقات السوشيال ميديا، ما يؤذن فعلاً بنهاية عصر الخصوصية واحترام أسرار البيوت، ويعني أن منظومة القيم الإنسانية تتآكل بشكل واضح بسبب الإنسان نفسه الذي ناضل طويلاً في سبيل تكريس هذه القيم والحقوق والحريات.

Email