ليبيا إلى أين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما شهدته ليبيا فجر أمس باختطاف رئيس وزرائها د. علي زيدان من قبل جماعة مسلحة لم يفاجئ المراقبين، باعتباره جزء من المشهد الذي أفرزته ثورة فبراير 2011 . لكن ما فاجأ المراقبين التضارب والتناقض في المعلومات التي أعقبت العملية التي أسمتها بعض المصادر (اختطاف) فيما أسمتها مصادر أخرى (اعتقال)، ووصف العملية من قبل بعض المصادر بأنها تمت من خلال اقتحام مئات المسلحين للفندق الذي كان يقيم فيه زيدان في العاصمة طرابلس واقتياده من غرفته، ووصفت في رواية أخرى بأن الاقتياد تم من سيارته أمام الفندق بعد تحطيم نافذتها،

وفيما أرجعت مصادر أن الاختطاف ربما يعود للعملية التي قامت بها القوات الأمريكية الخاصة قبل أسبوع وتم فيها اختطاف العضو البارز في تنظيم القاعدة (أبوأنس الليبي) ونقله إلى خارج البلاد، ذكرت مصادر أخرى أن العملية تمت على خلفية تهم لزيدان تتعلق بالفساد والرشوة، ورغم ما أعلنته الجماعة التي تطلق على نفسها اسم "غرفة عمليات ثوار ليبيا" التابعة نظريًا لوزارة الداخلية وتضم ثوارًا سابقين مسؤوليتها عن العملية على صفحتها في "الفيس بوك" إلا أنها عادت ونفت عن نفسها تلك المسؤولية، لتنتهي الواقعة نهاية سعيدة بالإفراج عن زيدان بعد ساعات قليلة من احتجازه.

يمكن القول: إن المشهد العام الذي تشهده ليبيا منذ 31 شهرًا هو نتيجة طبيعية للحالة غير الطبيعية التي كانت تعيشها في عهد القذافي، حيث لم يكن لديها جيش وأجهزة حكومية بالمعنى المتعارف عليه دوليًا، وهو ما دفع الجماعات المسلحة التي قامت بالثورة عليه، على اختلاف مشاربها إلى محاولة ملء الفراغ الذي تركه بعد أن تمت الإطاحة به، والتنافس فيما بينها على اقتسام كعكة السلطة التي يشكل النفط أهم مكوناتها، ولتصبح خلال هذه الفترة الانتقالية الحساسة التي تمر بها الآن، ميليشيات مسلحة تأتمر بأوامر بارونات الثورة ولوردات الحرب.

 ما حدث في ليبيا أمس يؤكد أن ثورة الربيع العربي التي تفاءل الكثيرون بإمكانية أن تحقق بعض آمال الشعب الليبي أصبحت الآن تتخذ منحىً جديدًا هو مزيج من الفوضى والانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي بما يطرح أكثر من سؤال حول مستقبل هذا البلد العربي في ظل غياب سيادة القانون وهيبة الدولة.

 

Email