الموقف الروسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم الموقف الإيجابي لموسكو الذي أبدته في الربع ساعة الأخير من خلال اتفاق جنيف الذي قوبل بترحيب دولي واسع النطاق، إلا أن الانطباع السائد الآن أن ذلك الموقف كان محاولة فقط لتفادي الضربة العقابية التي كانت واشنطن تتأهب للقيام بها ضد نظام الأسد،

أوعلى الأقل تأجيل تلك الضربة بما يتيح لنظام الديكتاتور بشار الأسد إعادة ترتيب أوراقه وانتشار قواته وتلقي المزيد من الدعم العسكري واللوجستي من حلفائه في المنطقة. ذلك أن موسكو ما إن تم الكشف عن تقرير المفتشين الدوليين الذي ألمح إلى مسؤولية النظام السوري عن مذبحة الغوطة الكيميائية حتى عادت موسكو إلى لهجتها القديمة بدءًا من اتهام المعارضة بأنها الجهة المنفذة لتلك المذبحة، وترديد مقولة إنه لا دليل على استخدام تلك الأسلحة من قبل النظام السوري،

وأن تقرير المفتشين الدوليين لم يتضمن اتهامًا صريحًا لأي طرف، ووصف التقرير مؤخرًا بأنه "مسيس ومنحاز"، ثم عادت روسيا لتتحفظ على إمكانية استخدام الفصل السابع بعد الموافقة على الصيغة التي تم التوصل إليها الأسبوع الماضي في جنيف بإمكانية استخدام هذا الفصل في حالة مماطلة النظام السوري في التخلص من ترسانته من الأسلحة الكيميائية، وهو ما دعا الخارجية الأمريكية إلى وصف وزير الخارجية الروسي بأنه "يسبح ضد التيار".

إعلان البنتاجون أمس الأول قراره بإبقاء تعزيزاته العسكرية وسفنه الحربية قبالة السواحل السورية، وتجديد الرئيس الأمريكي باراك أوباما دعوته إلى رحيل الأسد في أي حل سياسي مقبل في سوريا، وتزامن ذلك مع دعوة الأمين العام للناتو إلى إبقاء الخيار العسكري مطروحًا للضغط على النظام السوري، كل ذلك يشير إلى صلابة الموقف الدولي ضد نظام استباح حرمات شعبه.

الموقف الروسي من الأزمة السورية يكشف عن دور جديد لموسكو في المنطقة، لكن هذا الدور كي يمكن أن يكون مقبولاً من المجتمع الدولي فإنه يتعين عليه أن يتسم بالبعدين الأخلاقي والإنساني إزاء مأساة كتلك التي يعاني منها الشعب السوري الآن.
 

Email