سورية في قمة العشرين..

ت + ت - الحجم الطبيعي

قمة مجموعة العشرين، هي اقتصادية كونية تنعقد وسط ظروف اقتصادية عاصفة على مراكز القوة في العالم، والكل يتطلع إليها من زاوية الخروج من الأزمات باتفاقات جديدة، حتى إنها تعتبر قمة خبراء لا رؤساء، لكن باعتبار أنه لا فصل بين السياسة والاقتصاد، برزت المسألة السورية على قائمة أولويات المؤتمر، وهي بصيغتها الجدلية بين طرفيْ نزاع شرقي - غربي أعادت لنا سلوك الحرب الباردة على مناطق النفوذ،

وإن كان التراجع الروسي بدأ قبل هذه القمة عندما اشترط بوتن تأييد الضربة بشروط أن يقدم الغرب أدلة مقنعة ترعاها الأمم المتحدة، ويبدو أن هذا الموقف دفع بإيران من خلال عدة أصوات حكومية وغير رسمية بأن بلادهم لن تحارب إلى جانب سورية، وأن حزب الله، لا يستطيع التحرك طالما إيران اتخذت مؤقفاً مغايراً للتهديدات التي جاءت من أطراف توظف إعلامياً لمثل هذه الظروف من قبل أنصار الحزب..
 
فريق الأسد راهن على ضربات موازية قد تحدث تأثيراً مضاداً، وأن مجرد استمرار الضربات فإنه، في ظلها، ستقوم حرب عالمية ثالثة، وهي نفس التداعيات لما جرى في العراق،

وكأن إدارة الأساطيل، والصواريخ عابرة القارات، ومخازن الأسلحة النووية، في الحقيبة السرية لبشار الأسد الذي سيعطي الأوامر لمثل هذا الرد، وكان من المفترض لكسب مؤيديه أن يكون واقعياً، وتكون لغته اللغةَ الأقرب للإدانة والدفاع الدبلوماسي ليأخذ بتصرف قوة عظمى موازية مثل روسيا، التي قررت علناً أنها لن تدخل في الأزمة عسكرياً،

ولو كان أكثر حكمة لعرف أن تخطي روسيا والحلفاء الآخرين باستعمال الأسلحة الكيماوية سيوصله إلى مواجهة مع دول لديها ما تتصرف به وفق القانون الدولي ودون الرجوع لنظمها أو مجلس الأمن، فقد كان يستطيع أن يعطي روسيا مبرر وقف الضربة طالما الحرب تجري بأسلحة تقليدية، لكن التمادي بالجنون بدوافع اليأس جعله يتصرف بحماقة، ليكون الرد عليها بنفس العمل، وقوة التدمير..
 
أوباما حصل على الضوء الأول بإجازة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ إقرار الضربة، وينتظر التصويت من قبل الكونجرس، وفي حال تم الاتفاق على رغبة الرئيس والتي تبررها عوامل هيبة الدولة العظمى، واحتمالات استخدام السلاح الكيماوي مرة أخرى، ثم سمعة الدولة العظمى أمام العالم ستكون حوافز لتمرير القرار وإعداد الهجوم،

ولا تستطيع قوى أخرى منعها لتوفر القرائن وما يشبه الإجماع على قبول تأديب الأسد عالمياً وعربياً، إلاّ من بعض الدول مثل العراق، والذي جاء اقتراح المالكي بتسوية النزاع السوري بجملة آراء في الوقت الضائع، والبقية من العرب بقوا بين المؤيد والمعارض، ولكن في النهاية يبقى القرار أمريكياً في جميع الأحوال..
 
مدينة «سان بطرسبرج» التاريخية ليست من سيقرر ما سيحدث لسورية، ولكنها صورة لمماحكات وتداول آراء، وحتى لو حدثت قمة روسية - أمريكية، فربما تحلحل بعض القضايا ولكنها لن تصنع اتفاقاً، وبالتالي فإن السياسة تبقى مجسّدة للعمل الاقتصادي حتى مع عولمته وآفاقه المفتوحة وعبورة الآفاق، غير أن أهمية الأدوار للدول العظمى تفرض جميع أسلحتها من أجل تنفيذ ما يؤكد مصالحها، وأمريكا حتى مع العجز المالي وتردد الرئيس في اتخاذ قرارات حرب، تبقى القوة الراجحة على الجميع، ويأتي هذا الإقرار من أنها المرجح للسلام والحرب في مسار ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم...

Email