الجريمة والعقاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

ربّما اعتقد سفاح سوريا بشار الأسد أن واشنطن تقاعست عن عزمها توجيه الضربة العسكرية، التي أكدت كافة المؤشرات على أنها واقعة، بعد تحركات العديد من القطع البحرية الأمريكية والبريطانية نحو سوريا،

وبعد التصريحات والاجتماعات والمشاورات المكثّفة، والمكالمات الهاتفية العديدة التي تمّت مؤخرًا بين كبار المسؤولين في الولايات المتحدة وحلفائها، وربما أن السفاح بنى اعتقاده على توقّعات غالبية الخبراء والمحققين، بأن تكون الضربة أمس، أو اليوم، فيما أن الحقيقة هو إذعان الإدارة الأمريكية لطلب السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون التريث حتى يتمكّن فريق التفتيش الدولي من اتمام مهمته المحدد لها غدًا (السبت)،

وبعد اتمام المشاورات بين واشنطن ولندن وباريس، واكتمال ملامح التحالف الدولي، وإن كانت كل المؤشرات والأدلة المتوافرة حتى الآن تثبت مسؤولية نظام الأسد عن هذه المذبحة الكيميائية الشنعاء. لعل أحد أهم أهداف توجيه واشنطن وحلفائها تلك الضربة المرتقبة لنظام الأسد، حتى بدون الحصول على تفويض من الأمم المتحدة، حيث بدأ بالفعل العد التنازلي لتنفيذها،

هو أن التغاضي عن تلك الجريمة سيعتبر بمثابة ضوء أخضر لتكرارها؛ بما يؤدّي إلى تقويض القيم والأسس الأخلاقية والإنسانية التي تدعو لها كافة الأديان السماوية، والتي قامت على أساسها مبادىء حقوق الإنسان، والأمم المتحدة نفسها. إلى جانب أن معاقبة النظام السوري لن تكون فقط بسبب جريمة استخدامه السلاح الكيميائي في الغوطة،

وتسببه في مقتل أكثر من 1000 شخص بما في ذلك الأطفال والنساء، فقد شكلت تلك الجريمة الذروة في سلسلة الجرائم التي نفذها ضد شعبه، وأودت بحياة عشرات الآلاف من الضحايا باستخدامه كافة الأسلحة الفتاكة.

كما أن معاقبة نظام الأسد على استخدام هذا السلاح يحمل رسالة واضحة إلى أي نظام أو دولة مارقة تفكر في استخدامه ضد شعبها أو ضد أي دولة أخرى، إلى جانب أن تراجع الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيكون بمثابة توجيه ضربة للمصداقية الأمريكية، ولتحذيره السابق بأن استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي يعتبر خطًّا أحمر لن تسمح واشنطن بتجاوزه. وهو ما يتعيّن على سفاح سوريا إدراكه بشكل كامل قبل أن ينزل به العقاب الذي يستحقه.

Email