حروب جلبتها دكتاتوريات عربية..

ت + ت - الحجم الطبيعي

أوروبا دفعت ثمن جنون هتلر بحرب مدمرة بدوافع إعلاء العرق الجرماني، وستالين قتل ما يوازي ما قتله أباطرة روسيا عشرات المرات، (وشاوشيسكو) ظل الصورة البشعة لآخر دكتاتوريات الأحزاب الشيوعية عندما حوكم وأعدم مع زوجته على جرائمه.
 
استنساخ هذه الصور جاء مع الكثير من الزعماء العرب، أباد الأسد الأب في حماة ما يزيد على ثلاثين ألفاً بكل وسائل أسلحته، ولحقه الابن بإبادة مماثلة وتجاوزه إلى استخدام الأسلحة الكيماوية، وكان صدام حسين قومياً عربياً وبعثياً ولكنه لم يرحم بعض أفراد عائلته ورفاقه وشعبه بدون استثناء كرداً وعرباً، سنة وشيعة،

 في سبيل أن يبقى على كرسيه، ولم يكن القذافي أقل إجراماً حيث وسع دائرة إرهابه بإسقاط طائرة أمريكية على (لوكربي) استدعت دفع ليبيا ما يزيد على (7) مليارات دولار تعويضات لعائلات الضحايا وغيرها من العقوبات، وحوّل بلداً غنياً إلى مركز تصدير للإجرام والسجون والفقر والأمية بسبب جنون العظمة..
 
الأسد الابن اعتقد أنه «نيرون» جديد يفعل ما يعزز غريزة القتل في تكوينه التربوي ونزعته غير السوية، رغم أنه درس الطب الذي يتسم بالتعامل الإنساني لكنه أراد أن يكون النسخة عن والده، ليعاقب سورية بشراً وتراثاً واقتصاداً بجميع أدوات التدمير، وقد فهم أنه بمنأى عن المحاسبة أو الملاحقة القانونية الدولية، لكن الثمن لا يدفعه هو وإن كان المقصود بالعقاب، بل الذي يخسر هو الشعب السوري،

وطالما الخلاص يأتي بضرب مؤسسات وقوة عسكرية وأمنية جاءت من دم الشعب، فإن التخلص من أخطر مجرم حرب في العصر الحديث يعد جزءاً من ثمن الدم والمال، وتوالي الخسائر لأكثر من ثلاثة عقود..
 
الوطن العربي عاش حياة اللااستقرار ليس بسبب دور المؤامرة، ولكنها بضاعة زعامات جاءت لتكون وسيلة القهر والافلاس، وقتل الحريات بادعاء أنهم قوة التحرير لفلسطين ورفع مستوى المحرومين، وإنقاذهم من الدكتاتوريات والامبريالية والصهيونية، إلى آخر الخدع الكبرى التي عشناها بوهم الحكم الوطني الذي أخذ تفويضه من أجهزة بطشه وجبروته وأزلامه،

حتى إن سورية أصبحت مع العراق المعاصر يُحكمان بروح الطائفة التي تعتمد على مظلة إيران على حساب الأكثرية الوطنية، وهو ما أدى إلى توليد الطائفة روحاً عنصرية وفاشية تجاوزت حدود تاريخ تعايش الشعبين مع مكوناتهما الاجتماعية..
 
جلبت الحربَ إلى منطقتنا العربية، سواء ما جرى في حربيْ الخليج، أو ضربات الأراضي الليبية بما فيها ميناء سرت، وحزب الله مع إسرائيل، وحالياً سورية مع المجتمع الدولي زعاماتٌ عربيةٌ كانت الطرف الأساسي، أقامت مبادئها على أبدية السلطة وتوريثها، غير أن الشعب ليس بتلك البساطة لأن يقف محايداً أمام جلاديه، وبالتالي فإن ما حدث في الربيع العربي أحدث نفس النيران في سورية،

وقد كانت دكتاتوريات تونس ومصر أكثر عقلانية بقبول الواقع حتى لا يتم تدمير بلديهما وعلى العكس من القذافي والأسد الابن فإن القضية «أنا أو الطوفان» وبالفعل نجح المجتمع الدولي بإزالة الأول، وعلى نفس الطريقة والاتجاه تجري أحداث سورية، لكن ما بعد الضربة المتوقعة تبقى الأمور مرهونة لمستقبل ضبابي ربما لا ينقشع إلاّ بعد سنوات..
 

Email