ملك يحارب.. ويقاوم الإرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

المناسبة عيد الفطر المبارك، والموضوع تهنئة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله والمشفوعة تشخيص حالة الأمن العربي والإسلامي الذي يمر بمراحل خطيرة تجاوزت حدودها حين أصبح الإرهاب مواجهة معقدة، وقوله: «إن الإرهاب أشد على أمننا خطراً وأعمق فتكاً من حراب عدو متربص» والحقيقة إن هذا العالم الكبير الذي اصطدم بالعديد من المواجهات الخارجية أصبح يشكو علله الداخلية المزمنة والتي تفترض تضامن كل دول وشعوب العالم..
 
فالأمن الوطني والعالمي مترابطان في مسؤولياتهما الدولية، ولذلك صارت الحرب على الإرهاب إحدى المواجهات التي دفعت بكل القوى أن تعتمد نظرية الحرب الطويلة، والمشكل أن دولاً ومنظمات وهيئات محلية ودولية ظلت تدعم الاتجاه المتطرف بالبشر والمعونات المادية وكانت منطقتنا العربية هي المنبت الأساسي للقاعدة، عندما ذهب مؤسسوها إلى العناصر الفقيرة عند القبائل، والأحياء الشعبية في المدن، والأرياف، وموقع الخطر ما يأتي من «منتحلي الإصلاح الكاذبين مختطفي عقول السذج» كما شرح ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وهذا النموذج متعدد الوجوه هو من تركز في استهداف بيئة التعليم العام وخاصة المراحل المتوسطة لشباب بلا خبرة أو ثقافة يسهل «قولبتهم» وزرعهم ثم تصديرهم للعديد من المواقع حتى إن من يقرأ ما يدلون به من كرامات وتعاليم في غسل الأدمغة لم يقتصر فقط على البيئات الفقيرة، بل طال المتوسطة والغنية، وقد كشفت التحريات إدارة تلك الأساليب تخفيها وتدريبها ونشرها فكر التطرف، والمملكة التي استطاعت أن تقلص في البداية الدور الفاعل للقاعدة، استطاعت أن تحاربها خارج مجالها، ومع ذلك لا تزال في حالة حرب طويلة تبعاً لتطور نوعية وأدوات الإرهاب..
 
لقد ذهب الكثير من الضحايا، ولا تزال العجلة تدور على الكثير من المفاجآت غير أن الضربات المتوالية، وانحسار التعاطف مع الإرهاب الذي أصبح يشكل ظاهرة كونية وتغير الأساليب والمواقع، وتفكيك المركزية بين القيادات التقليدية، والأخرى التي أخذت المبادرات في تشكيل فصائلها وانتشارهم، جعلت العالم يدرك هذه الطرق ويتعامل معها وفق تكتيكاتها ومراكز تجمعها ومطاردة داعميها..
 
نعرف أن حوادث التاريخ تعلمنا كيف نشأت العديد من التنظيمات الإرهابية وبعقائد وأهداف مختلفة، وأن طبيعة ومنشأ كل عمل تفرزه طبيعة كل مرحلة وبالتالي ليس الإسلام من صنع تاريخ الإرهاب، فهو جزء من منظومة عالمية تعيش أطوار حياتها وفق ظروف كل مرحلة، والقاعدة غررت بشعاراتها أنها تستهدف المحتل الأجنبي وإسرائيل، والتي لم يطلق عليها رصاصة واحدة منها، والمشكل أن مبررات الوسائل للغايات هي الاستراتيجية التي عملت عليها وسائل تنظيم القاعدة، حتى إن إيواء إيران لبعض قياداتها، وهي التي تتقاطع معهم مذهبياً وفكرياً، يؤكد تلاقي الأهداف بصرف النظر عن الخلاف على القواعد الدينية..
 
الإسلام لم يتأسس على الخلاف بل جعل باب الاجتهاد مفتوحاً، غير أن صراع الدول واستغلال كل ظرف في خدمة دولة أو اتجاه، هو الذي شكل الطائفية والمذهبية لتتفرع منها عقائد وطرق وتحزبات شهدت حروباً وانقسامات لا تزال بقاياها تعاد لنا بطرق جديدة، ولكنها بنفس المنطلقات والتوجه، وقطعاً فإن الأسباب لا تنحصر بفقر وغنى وصراع دول ومذاهب، وإنما شكل جديد لفكر يعاد تدويره من خلال أشخاص هم بذاتهم يعيشون أزمات نفسية، وإلا فإن القتل والتخريب حتى للمسلم ومنشآته ليست إلا حصيلة هذا المرض الذي حاربه الإسلام بكل أزمنته وتواريخه..
 

Email