الدفع باتجاه قانونية العمل داخل أقنية محكمة القرار 1757 أقرب إلى الضحك المفضوح من خلف الكواليس، فقاضي الاستئناف أنطونيو كاسيزي نفسه، خبر النهاية الدرامية لسلوفودان ميلوسوفيتش والتعمية عن الدور الفرنسي في رواندا.

والتغاضي عن دفاعه القانوني ببطلان وانتفاء أي جدوى من اتهام البشير في ارتكاب جرائم حرب درافور، وهو ما فتئ يذكر الحادثة الأخيرة بمرارة في مقره المضجر، على حد قوله، في الطابق الثاني من مبنى الاستخبارات السابق.

وبدلاً من الضجر يا كاسيزي كان عليك المنع قانوناً بتسريب أي معلومات حساسة عن مجريات التحقيق في اغتيال رفيق الحريري، وليس المقصود هنا المس بشخص كاسيزي بقدر لومه على طريقة التعاطي مع سير التحقيق في قضية أجمع كثر أنها إذا ما انتهت إلى ما سرب عن إدانة ستة إلى ثمانية من عناصر حزب الله «فإن المنطقة برمتها ستتفجر، فضلاً عن الغليان اللبناني القائم أصلاً».

في البدء قام الصحافي الألماني الإسرائيلي أريك فولاث مستعيناً بصديقة الصهيوني هنريك مودس برودر بنشر معلومات عن تورط الشخصية الغامضة مصطفى بدر الدين، والذي حل محل عماد مغنية، بارتكاب جريمة الاغتيال، استناداً إلى تحليل النقيب وسام عيد قبل اغتياله لخارطة الاتصالات، وزاد تحقيق قناة «سي بي اس» الكندية المشهد سخونة بتفصيلة هذه الخارطة، وربطها بعنصر هامشي يدعى عبد المجيد غملوش كطرف خيط!

وأذكّر أن خارطة اتصالات سابقة في تقرير ضابط المخابرات الألمانية المتقاعد ديتليف ميليس كشفت عن 8 خطوط هاتفية و60 جهاز هاتف استعملت لتنظيم عملية رصد واغتيال الحريري، لكن الاستنتاجات حينها صبت باتجاه اتهام دمشق.

انتقال دائرة الشكوك من دمشق إلى الضاحية الجنوبية والتزاحم الإقليمي للملمة الصفوف قبل صدور القرار الظني أيضاً تعكس وجود معلومات أكيدة عن المضي في تمزيق حزب الله، الأمر الذي فضحه موقع «كونتر بانتش» بتسريب حديث نقلته «فورن بوليسي»، لمساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان عن قرب تمزيق حزب الله بألف ضربة بطيئة، عبر القرار 1757.

والكلام تبعا للموقع فإن فيلتمان، نائب القنصل الأميركي العام في القدس سابقاً، أخبر السفيرة مورا كونيلّي إنه «سيسلك الطريق إلى آخره». وأنه طلب من إسرائيل أن تبقى بعيدة، كما أن المنطقة برمتها قد تحترق، وهذه ستكون هديته إلى لبنان بمناسبة عيد الميلاد.

ويمضي الموقع إلى زعم أن الخارجية الأميركية ترى في قرارات محكمة صادرة من الفصل السابع حتى ولو بحق سائق سيارة في حزب الله، تعد مدخلاً إلى إنفاذ الأحكام بالقوة، ويكشف أيضاً عن أن إسرائيل تجند شركات قانونية لدعم المحقق بيلمار.

واشنطن بالطبع نفت التسريب الأخير ووصفته بالمفبرك، لكن طلب المبعوث الأميركي فرد هوف من إيهود باراك بالانسحاب من الجزء الشمالي من الغجر، تجنباً لتوتر تحمله رياح انفجار آت في بيروت حسبما قال باراك، واختفاء مائير داغان، يوليو الماضي.

في مهمة فتح قنوات لضرب إيران من ضمن سيناريو عرضته «هآرتس» الجمعة الماضية يرى أن الحرب ستندلع بعد استنفاد الهدف من خطوة صدور القرار الظني، تبينت أيضاً في رسالة تل أبيب القوية لطهران باغتيال العالم النووي ماجد شرياري.

وقبلها تأكيد وزير خارجية الاحتلال افيغدور ليبرمان التدخل في مجريات التحقيق، ثم تسريب رئيس مركز «ديان» إيال سيزر الجمعة الماضية معلومات مصدرها الموساد عن مقايضة رموز سورية وإيرانية معروفة بعناصر في حزب الله، تشي بان بمحاولة حرف التحقيق والتأثير في عمل المحكمة مسألة مهمة لأن المطلوب فقط تمزيق حزب الله لا معرفة من قتل الحريري، أقله بالنسبة لواشنطن وتل أبيب.