لا بد من اليمن وإن طال السفر، وقد كان ذلك قبل أيام، فكانت مفاجأة لا يمكن لأحد أن يتخيلها، كانت أغنية الطبيعة بأحلى ألحانها، لوحة فريدة، هدية الخالق إلى الإنسان.

بعكس الصورة النمطية السلبية التي رسمها الإعلام عن اليمن، فهي بلاد تنحني فيها للجمال، تجلت قدرة الخالق سبحانه وتعالى في رسم طبيعتها وتشكيلها، حيث تتوشح البلاد بتضاريس متنوعة، ما بين سهول خضراء وجبال تعانق السحب وأودية سحيقة وشواطئ عذراء لم تشوهها يد الإنسان، بل زادتها جمالاً على جمال.

في يوم واحد تعيش الفصول الأربعة على مدار العام، حيث تتدثر الجبال بالغيوم والضباب وتغتسل بالمطر، وتختلط خضرة الجبل ببياض الضباب، وتنهمر دموع الجبال شلالات إلى الوديان تنساب بين الزرع، لا تدري أهو غزل الطبيعة أم كرمها أو الاثنين معاً، مع أرض تدر عسلاً ولبناً.

خليط مناخي ينقلك من فصل إلى آخر في غضون دقائق، وجنات تنتشر على سفوح الجبال وفي الوديان، تتخللها قرى ومدن تتناثر لآلئ على مد بصر لا ينتهي إلا على قمة جبل تسلّقه اليمني منذ آلاف السنين، فنحت فوقه سكناً ما زال يعيش فيه وكأنه تاج على رأس ملك.

ما يزيد الجمال روعة، إبداع اليمني في هندستي المعمار وتسوية الأرض سهولاً كانت أم جبالاً. فما يثير الدهشة هي قدرة اليمني على البناء، سواء ناطحات السحاب المبنية من الطين منذ عدة قرون، والتي لا تزال شاهقة ومسكونة إلى الآن، أو بقدرته على تسلق الجبال وبناء قرى من الحجر على القمم الصخرية، حتى بدت كجزء من الجبل تحالفت الطبيعة والإنسان في نحتها فصارت حصناً منيعاً على الأعداء.

وبذلك تفوق اليمني في هندسة الأرض بامتياز نادر، وكأن هناك عهداً لا ينقطع مع الأرض بعدم زراعتها إلا إذا كانت مستوية. ويقف الزائر بإعجاب واندهاش أمام جبل عملاق لا يقل ارتفاعه عن ثلاثة آلاف متر، مثل جبلي النبي شعيب وصبر وغيرهما، وقد تمت تسوية سفوحه من كل الجهات على شكل مدرجات، نثرت فيها بذور الزرع فأنتبت من كل زوج بهيج.

هذا البلد السعيد الخلاب بطبيعته البكر وكنوزه الثقافية القديمة، يعتبر أحد أفضل المقاصد السياحية على خريطة السياحة الدولية، وتقول عنه منظمة السياحة العالمية إنه مقصد سياحي مضياف وجذاب ومتفرد في ثقافته وحضارته وتنوع تضاريسه، وامتلاكه لمقومات سياحة الاصطياف والرياضة البحرية والجبلية والمغامرات والبيئة.

هذا الرصيد المتنوع الوفير بما تمتلكه الأرض من موارد طبيعية وكنوز ثقافية، يلزمه أمران أساسيان. فمن الملح إزالة الصورة المشوهة عن اليمن بأنه بلد «القات»، عبر حملة وطنية طويلة المدى لمحاربة زراعته وتعاطيه أو تخزينه، لأنه لا يمكن لبلد بهذه الإمكانات السياحية الهائلة، وهذا الجمال الأخاذ، أن تنهك شعبه واقتصاده نبتة سيئة الذكر تشوه الصورة وتقزز السائح.

كما أن اليمن بمنتوجه السياحي المشهود عبر عصور الحضارة اليمنية، تنقصه اليوم بُنية تحتية من الخدمات السياحية والفندقية، وبنية أساسية من طرق واتصالات ومرافق عامة، ترتبط بالتنوع السياحي الغني بالرياضات المائية والحمامات الطبيعية والسياحة البيئية وسياحة المغامرات، كتسلق الجبال والطيران الشراعي، أو عبر الدروب الصحراوية، والسياحة التاريخية.

فمن حق اليمن على الأشقاء العرب، النهوض بهذا القطاع عبر ضخ المزيد من الاستثمارات في بلد لا يقل عن سويسرا جمالاً، وهو على بعد خطوات منهم.. فاليمن أحلى.

Nour2001@albayan.ae