تثبت دبي يوماً بعد آخر، قدرتها على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية في الإقليم والعالم، وقدرتها على رصد اتجاه البوصلة الاقتصادية والتحرك في اتجاهها قبل غيرها تأكيداً لريادتها.

تماماً كما قال باني نهضتها الحديثة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بأن على دبي الاستفادة من الفرص التي أوجدتها الأزمة الاقتصادية العالمية، قبل أن يسبقها الآخرون إليها.

ولأنها كذلك وتحب النجاح والتميز والتحدي، عادت بعض الأصوات الإعلامية التي تكره النجاح أو تحسده أو مأجورة، تحاول التطاول من جديد على قطار دبي النهضوي، بمعايير التشويه المتعمد وإخفاء الحقائق والتقليل من النجاحات.

لا يمكن إخفاء أن دبي تأثرت بالأزمة العالمية، وهو أمر طبيعي لأنها كانت لاعباً في مضمار السباق، أما الذين كانوا خارجه متفرجين فلم يتأثروا إلا بالتداعيات. لكن الذي كان في السباق لديه دائماً القدرة البدنية والذهنية، التي تعنيه على النهوض مجدداً لاستئناف السباق.

فدبي التي خاضت تجربة فريدة وحققت معجزة اقتصادية، لديها من العضلات الاقتصادية ما يعينها على تنظيم نفسها، وإعادة ترتيب أوراقها الاستثمارية بالشكل الذي يضعها في مقدمة السباق كما كانت دوماً. ولأنها كذلك، فإن لديها القدرة أيضاً على تنظيم سباق استثماري جديد تفوز فيه كما تعودت.

حتى في مسألة الديون حققت فوزاً انتزعته من بين فكي الأزمة، عبر إدارة ملفها بمهنية عالية أبقت عجلة الاقتصاد في دوران، فيما اقتصادات في الاتحاد الأوروبي تعاني مخاوف الإفلاس.

وبنظرة سريعة إلى الكمال الاقتصادي لدبي الذي بنته طوال السنوات الماضية، نجد أن الجسم الاقتصادي لدبي يمتلك أكبر مركز تجاري في المنطقة، وأفضل خدمات سياحية، وأهم مركز مالي، وأكبر شركة طيران إقليمية تنافس الشركات العالمية.

وفيها أنشط ميناء ومطار في الشرق الأوسط، وفاجأت العالم بتشغيل المرحلة الأولى من أكبر مطار في العالم، ولديها أكبر منطقة صناعية في المنطقة وأهم مدينة للتقنية والانترنت، وأبرز مدينة إعلام وأجمل الايقونات المعمارية، وأحدث بنية تحتية في العالم..

كل ذلك إلى جانب بنية تشريعية قانونية وأنظمة متطورة، وأفضل الممارسات العالمية في قطاع الأعمال والاستثمار. وهي بشهادة رجال أعمال أجانب، فإنها حافظت على ريادتها في توفير بيئة استثمارية أفضل من بلدانهم، واستطاعت التعامل مع الأزمة العالمية مبكراً، وبمرونة ولياقة أفضل من دول الاقتصادات المتقدمة.

لذلك لم يكن اقتصاد دبي زجاجاً تكسر من الأزمة، بل حديداً ازداد صلابة في وجه أزمة عالمية ضربت كل الدول والاقتصادات، واستعاد نبضه القوي بعد استراحة محارب وأبقى الريادة الصفة الأولى لدبي.

وما الصفقة الاخيرة لطيران الإمارات التي وقعتها بالأمس، وجاءت بعد اسابيع من صفقة ضخمة مماثلة، إلا دليل حي على قوة اقتصادها وقدرتها على الاستفادة من الفرص الجديدة، وتنظيم سباق استثماري جديد تبقى فيه الاولى، كتحركها السريع لزيادة الاستثمار في القطاعات التي أبدت مرونة أكبر في امتصاص هزات الازمة العالمية، مثل قطاع الطيران.

وهي بصفقة الأمس مع شركة بوينغ، ترد عملياً على الأبواق التي ظهرت قبل أيام تحاول النيل مجدداً من نجاحات دبي، وعادت اليوم لتحاول النيل من قدرة دبي على تطويع الأزمة والاستفادة من الفرص التي أوجدتها، والتشكيك في عودتها إلى خط النمو المستدام الأكثر قوة هذه المرة.

مهما نعقت تلك الأبواق وحاولت التشوية، فما هي إلا الزفرات الأخيرة لبقايا حملة حاقدة، لن يسمعها أو يلتفت إليها أحد مهما علا صوتها، لأن هدير النمو أعلى وصوت الحقيقة أنقى.. والريادة لدبي أبقى.

nour@albayan.ae