اتفاقيات بحثية وطبية

اتفاقيات بحثية وطبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

نكمل حديثاً بدأناه عن غياب الأبحاث الطبية في المؤسسات والهيئات الصحية في الدولة، لا سيما في الأمراض الخطرة التي بدأت تنتشر سريعاً، وما زالت لا تحظى بالاهتمام اللازم الذي يستوجب البحث عن أسباب تلك الأمراض وسبل الكشف المبكر عنها، وسبل تجنبها وعدم زيادة أعداد المصابين بها.

فهذا النوع من الأبحاث له أهميته البالغة لمكافحة المرض، ولتحقيق النفع لكافة الأفراد والمؤسسات الطبية التي لا بد وأن ستستفيد من نتائج تلك الأبحاث التي يفترض أن تكون جزءاً رئيساً من عملها.

منذ يومين وقعت وزارة الصحة في الإمارات مذكرة تفاهم مع إحدى الشركات المتخصصة، للقيام بدراسة مسحية تغطي إمارات الدولة، تستهدف تحديد وبائية مرض «الربو»، سيتم تنفيذها على 3 مراحل، للاستفادة من النتائج في إعداد دليل الإرشادات العلاجية للمرض في الرعاية الصحية الأولية.

وبما أن هذا النوع من الاتفاقات موجود في الدولة، فلا بد من تعزيز جانب آخر موجود أيضاً في جامعات الدولة ومستشفياتها، وهو جانب البحث العلمي والمختبري الذي لا يمكن أن تغني عنه المسوحات التي تنظر في أرقام وإحصاء حالات مرضية، لكنها لا تعنى بالضرورة بالبحث في الأسباب وسبل الوقاية والكشف والعلاج، لا سيما في الأمراض السرطانية والأمراض الأخرى التي يعد بعضها نادراً، ويصعب التعامل معه إلا في مستشفيات في الخارج.

هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن اتفاقات أخرى لا بد من الحرص على إبرامها مع المستشفيات المتقدمة في الخارج، لضمان زيارة بعض كوادرها، لا للعمل كأطباء زائرين، بل كمدربين تتم الاستفادة من خبراتهم في مستشفيات الدولة، ولابتعاث كوادرنا لتتدرب أيضا في مستشفياتهم في الخارج، لتصبح أكثر قدرة على التشخيص ووصف العلاجات المناسبة، بدل ابتعاث المرضى للخارج بعد خطأ التشخيص، ليتم تدارك خطأ لا يمكن تحميل الطبيب وحده مسؤوليته.

هناك مؤسسات عريقة في أميركا وأوروبا فشلت للأسف في إقناع المسؤولين عن الخدمات الصحية في الدولة، بابتعاث أطباء إماراتيين لتدريبهم، والسبب هو تركيز هؤلاء المسؤولين على الاستثمار في المجال الطبي في الدولة، وهو الأمر الذي لا يعني طبيباً قضى عقوداً في مزاولة مهنة ينتظر أن ينقل خبراته فيها إلى غيره، لأنه لا يبحث عن أرباح مالية يراكمها من خلال إدارة أعمال خاصة، بقدر حرصه على التبادل العلمي الذي يوسع دائرة المستفيدين، ويوسع مجال تبادل الخبرات بين الدول في هذه المجالات.

لذا فإن المأمول أن نسمع قريباً عن اتفاقات تهدف لتدريب الكوادر المحلية الطبية في مؤسسات عريقة في الخارج، تجمع بين الجانبين العلاجي والتعليمي، وهو الأمر الذي سبقتنا إليه دول في الجوار، ولا تنقص الإمارات الإمكانات المالية أو البشرية للقيام بالأمر نفسه. هذا هو المأمول والمنتظر من مؤسسات طبية في الإمارات، نثق بأنها تستوعب الأهمية البالغة لهذه الطموحات.

maysarashed@gmail.com

Email