قيادات من نوع مختلف

قيادات من نوع مختلف

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كل دورة انتخابية، يبادر عادة بضعة ضباط سابقين بترشيح أنفسهم لمناصب سياسية. لكن هذاالخريف يخوض السباق الانتخابي للكونغرس وحده أكثر من 20 محارباً قديماً، خدموا في العراق وأفغانستان.

وجميعهم تقريباً يمتطي موجة الغضب الجماهيري المتنامي من النواب الحاليين بسبب تبذير الحكومة وخداع وول ستريت ؟ والإحساس العام بأن العلاج الديمقراطي الحالي أثبت أنه بنفس سوء المرض الجمهوري، إذا لم يكن أسوأ منه.

فما حدث على أرض الواقع هو أن خداع الكونغرس في ظل السيطرة الجهورية ؟ «ثقافة الفساد» ؟ استمر في عهد الأغلبية الديمقراطية، بفضل أمثال كريس دود، وليام جيفرسون، إريك ماسا، تشارلز رينجل وجون ومورتا.

كما أن مرشح الإصلاح باراك أوباما قد راكم من الديون في 15 شهراً أكثر مما فعل جورج بوش المسرف في ثماني سنوات. وأوباما الذي كان يتحدث عن خلق مناخ مواتي لتوحيد البلد من جديد، قد تسبب في استقطاب أمريكا أسرع مما فعل راعي البقر الحاسم بوش.

وبعبارة أخرى، فإن الناس متلهفون الآن لرؤية أشخاص يتحلون بشخصيات قيادية ولم تلوثهم الحياة السياسية في واشنطن، لكن لديهم سجلاً مشرفاً في ميدان الخدمة الفعلية نيابة عن الأمة.

وإذا كان هؤلاء فقراء الحال، ولم يشغلوا مناصب سياسية من قبل ؟ فهذا يجعلهم مرشحين أفضل.وهؤلاء المرشحون الحاليون من المحاربين القدامى بعيدون كل البعد عن النمط المألوف للمرشحين القادمين من مجالس نواب الولايات أو من الصف الثاني في كوادر الكونغرس الجاهزين للارتقاء على السلم الوظيفي.

وهم ليسوا من الليبراليين المعارضين للحرب الذين يتباهون بسجلهم في خدمة الأمن القومي للبلد، ولا حتى من الصقور العابرين الذي يطالبون بالمزيد من الإنفاق على الدفاع.

وهم لا يزعمون أن تجربتهم القتالية تضمن لهم الحكمة الصائبة بشكل أوتوماتيكي، خاصة بعد ما رأيناه من مورتا والنائب الجمهوري ديوك كانينجهام الذي تلطخت سمعته بالخزي والعار بسبب أفعاله. وهم أيضاً ليسوا من الجنرالات المتقاعدين المشهورين المعتادين على الإذعان ودائرة الأضواء.

إذن، ليس هناك ما يجمع هؤلاء سوى الغضب المشترك من الإنفاق الحكومي الخارج عن السيطرة والاستحواذات الحكومية والفساد. بعضهم ضباط، وبعضهم الآخر مجندون. والعديد منهم يحمل في جسده ندبات من جراح الحرب.

وتخوض الأغلبية الساحقة منهم السباق الانتخابي كمرشحين جمهوريين. ويبدو أنهم لا يملكون شيئاً يذكر من المال، فهم ليسوا من الفئة التي يتم انتقاؤها بشكل مسبق من جانب نشطاء الحزب الجمهوري، لكنهم وصلوا إلى المقدمة بفضل دعم القواعد الجماهيرية وأحياناً بدعم من ممثلي ما بات يعرف بتظاهرات حفلات الشاي.

وفي الدائرة الانتخابية رقم 20 بولاية نيويورك، ترشح الكولونيل المتقاعد كريس جيبسون ؟ الذي خدم لفترة طويلة في حرب العراق ؟ وهو يحمل درجة دكتوراة. وبينما يركز البرنامج الانتخابي لجيبسون على الحد من تضخم نطاق نفوذ الحكومة الفدرالية وخفض الضرائب، فإن موضوعه الأساسي هو الدعوة إلى الأخلاقيات والمساءلة والعودة إلى فكرة المشرّع المواطن الذي يعمل في واشنطن، وليس على طريقة واشنطن.

وبعض المرشحين الآخرين القادمين من صفوف القوات المسحلة سبق أن سمع الناس بهم من قبل. ففي الدائرة الانتخابية رقم 22 بولاية فلوريدا، ترشح الكولونيل المتقاعد آلان ويست الذي كان جزءاً من قضية أثارت جدلاً كبيراً قبل سبع سنوات، عندما أطلق النار قرب سجين عراقي يعتقد ان لديه معلومات بخصوص كمين يتم التخطيط له لاستهداف كتيبته.

وموضوع برنامجه الإنتخابي يركز أيضاً على تقييد نفوذ الحكومة الفدرالية ومراقبة نزاهتها، والعمل لموازنة الميزانية وتقوية الأمن القومي وخفض الضرائب.

وعلى مدار ثلاثين عاماً بعد عام 1865، لم يكن بوسع أي أمريكي الترشح للمناصب الرسمية إذا لم يخدم في الحرب الأهلية الأمريكية أو الحرب الكونفدرالية. وفي القرن الماضي، كانت الخدمة في الحرب العالمية الثانية أشبه بشرط شبه إجباري لأي مرشح يريد الوصول إلى زعامة الكونغرس حتى حدود عام 1970.

أستاذ الدراسات الكلاسيكية والتاريخية في جامعة ستانفورد

opinion@albayan.ae

Email