« البــيـــان »واسطة العقد

« البــيـــان »واسطة العقد

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم الانتشار الواسع لوسائل الإعلام الحديثة، كالإذاعة والتلفزيون والانترنت، إلا أنه ما زال للصحافة الورقية رونقها لدى كثير من شعوب العالم، وما زالت الصحافة الورقية تثير فضول المعرفة، بكل أطيافها، لدى شرائح القرّاء المختلفة.

فمنذ صدور أول صحيفة، بمفهومها الحديث، قبل ما يزيد على أربعمائة سنة في ألمانيا تحت اسم «رولاسيون» سنة 1605، والصحافة تمر بمراحل تطور كثيرة، مما ساهم في زيادة شعبيتها في العالم كله.

وعلى صعيد الصحافة العربية، فقد انتقلت فكرة الصحافة المكتوبة إلى الوطن العربي مع حملة نابليون على مصر، فكانت صحيفة «السلطنة» التي أصدرها إسكندر شلهوب في إسطنبول ثم نقلها بعد ذلك إلى مصر، هي أول صحيفة يصدرها عربي باسمه.

ويعتبر كثير من المؤرخين أن البداية الحقيقية للصحافة العربية، كانت على يد خليل الخوري بصحيفته الشعبية «حديقة الأخبار»، حيث امتازت بالاستقلال وعدم التبعية في الرأي لجهة بعينها، وبذلك مثلت الشارع العربي بكل همومه وآماله.

لقد شكلت الصحافة عبر مسيرة تطورها، أهمية بالغة لدى الشعوب قاطبة؛ حيث كانت وما زالت أهم أركان السلطة الرابعة، لما لها من دور بارز في تعميم المعرفة وتنوير الشعوب، وكذلك لما تلعبه من دور فاعل ومؤثر في توجيه الرأي العام، وطرح القضايا المختلفة، لذا فقد حظيت باهتمام كبير من الحكومات وأصبح لها منبرها المسموع.

وقد كفل دستور دولة الإمارات العربية المتحدة للصحافة حرية الرأي والتعبير، جاعلاً من الصحافة عنصراً فاعلاً في المجتمع، إيماناً منه بأن للصحافة دوراً مهماً في نشر الثقافة والعلم والمعرفة، وإبراز وجه الإمارات الحضاري، وتعريف القارئ بما يدور على الساحتين العربية والدولية.

وقد توالى إصدار الصحف المحلية في دولة الإمارات، حيث صدر العدد الأول من جريدة «الاتحاد» في 20 أكتوبر 1969، كما صدر العدد الأول من جريدة «الخليج» في 17 أكتوبر 1970.

ويستمر مسلسل إصدار الصحف والمجلات الإماراتية، حيث صدر في مثل هذا اليوم، وقبل ثلاثين عاماً، العدد الأول لجريدة «البيان»، ليكون العاشر من مايو سنة 1980 بداية ولادة فجر جديد ل«البيان»، لتصبح في متناول القرّاء كل صباح، هذا بالإضافة إلى عدد من الجرائد والمجلات الأخرى التي تصدر محلياً في دولة الإمارات.

وإن نظرة سريعة على عدد هذه الصحف والمجلات، سواء التي تصدر باللغة العربية أو باللغة الإنجليزية، مقارنة بعمر الاتحاد، ليدعو إلى الاعتزاز والفخر بما حققته المؤسسات الإعلامية من إنجازات كبيرة من حيث الكم والنوع.

واليوم تُشعل جريدة «البيان» شمعتها الثلاثين، آخذة على عاتقها عهداً رسمته منذ ثلاثين عاماً، كما يقول رئيس تحريرها ظاعن شاهين وهو: «نشر الحقيقة والولاء الأول للوطن والأمة والقارئ، راسمة جوهر نظامها بالمصداقية والحياد والشمولية، رافعة شعار احترام القارئ الذي تستمد منه قوتها حتى صارت زاده كل صباح.

فسارت في طريق هادف لبناء عقل ووعي مستنيرين، حاملة رسالتها بإخلاص وتفان وتجرد وإيثار»، متعهدة بالمضي على هذا الطريق دون أن تحيد عنه، وستظل دائماً كما عهدها قرّاؤها ومحبوها، جريدتهم الصباحية التي تستوعب كل القضايا وتطرح الآراء المختلفة، وتستضيف أبناء الوطن العربي في أروقتها المتنوعة.

لقد شاركت «البيان» المواطن العربي همومه ورسمت معه طموحه وآماله، فلم تكن «البيان» يوماً بمنأى عن القضايا المحلية والإقليمية والعربية أو العالمية، فهي دوماً حاضرة في كل أرض، وكل زمان تشارك الآخرين طرح القضايا باحتراف ومهارة.

لقد استطاعت «البيان» خلال الثلاثين سنة الماضية، أن تبني قاعدة جماهيرية واسعة ومتينة، فقراؤها اليوم من مختلف الأعمار والجنسيات العربية، وينتمون إلى مستويات وثقافات مختلفة؛ فهم يجدون فيها ما يشبع حب الاستطلاع لديهم، ويتعرفون على القضايا المحلية والعالمية في صفحاتها.

ويستمعون إلى أصوات المفكرين والمحللين في أعمدتها وصفحاتها المتخصصة، بل ويدلون بأصواتهم في ما تطرحه من قضايا مختلفة، وتتيح لأصحاب الأقلام الإماراتية والعربية أن يطرحوا قضاياهم وآراءهم من خلال منابرها.

وهي تسعى دوماً إلى تكريس مفاهيم دولة الاتحاد، والتأكيد على توجهات الدولة الرامية إلى غرس الهوية الوطنية والانتماء إلى الوطن، وتعزيز اللحمة بين أبناء الإمارات، والمساهمة في تسريع عجلة التنمية والتطور، والحث على العطاء والبذل، ورسم خطوط التنمية والحرص على المحافظة على إنجازات الدولة وصون مبادئها وترسيخ دعائمها وأسسها، وتعميق الوعي بقضايا الأمة العربية والإسلامية، وحال قرائها متمثلاً قول الشاعر:

أَنتَ بَينَ المُلوكِ واسِطَةُ العِقدِ وَقُطبُ الرَحى وَبَيتُ القَصيدِ

كاتب إماراتي

SaifM@uaeu.ac.ae

Email