الثورة - اليمن

اعتذروا للشعب..!!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو أن أحزاب اللقاء المشترك اكتفت في بيانها الإنشائي الهزيل الصادر يوم الاثنين الماضي بشرح موقفها من اتفاق فبراير، وهل هي جادة في تنفيذ هذا الاتفاق والانتقال به إلى الواقع العملي، وركزت في ذلك البيان الركيك، مضموناً ولغة والذي بدا لمن اطلع عليه بأنه أقرب إلى مقال صحفي لكاتب ناشئ يتطلع إلى الظهور منه إلى بيان لتكتل حزبي، على الاعتذار للشعب جراء تعطيلها للحوار وعرقلتها إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الذي كان مقرراً في 27 أبريل 2009م.

خاصة وأنها كانت وراء عملية التأجيل، بعد أن تهربت أكثر من مرة من الالتزام بالاتفاقات التي تم التوصل إليها داخل البرلمان وخارجه واتجهت إلى إقامة مسمى جديد انضوت في داخله بهدف إعاقة تنفيذ اتفاق فبراير، الذي بموجبه تم تأجيل الانتخابات النيابية عامين. بل أنها حاولت استبدال ذلك الاتفاق بما أطلقت عليه "وثيقة الإنقاذ" مما يعني معه أن كل الوقائع التي يعرفها القاصي والداني تبرهن على أن أحزاب المشترك قد دبرت أمراً بليل من أجل الانقلاب على ذلك الاتفاق واستهلاك الوقت، عن طريق اختلاق الأزمات وافتعال الفتن.

وتحريض بعض الغوغائيين والخارجين على الدستور والنظام والقانون، على زعزعة الأمن والاستقرار وارتكاب أعمال القتل والتخريب وقطع الطرق والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة لينتهي بها المطاف إلى التحالف مع العناصر الانفصالية التي تسعى إلى إعادة تمزيق الوطن وكذا الشرذمة الحوثية التي أشعلت الفتنة في محافظة صعدة وحرف سفيان، والتماهي مع هذه العناصر الملطخة أياديها بدماء المواطنين الأبرياء، معتقدة أنها بهذا الأسلوب ستتمكن من الإجهاز على اتفاق فبراير وإهالة التراب عليه، وإدخال البلاد في فراغ دستوري يسمح لها بالقفز إلى السلطة دون انتخابات أو اقتراع أو إجراءات ديمقراطية.

ولما وجدت هذه الأحزاب أن السيناريو الذي رسمته لنفسها لا يمكن أن يتحقق، وأن الانقلاب على خيار الديمقراطية هو أمر بعيد المنال عادت للحديث عن اتفاق فبراير، وأنها ما تزال ملتزمة به، متهمة الآخرين بأنهم الذين قاموا بتعطيله غير مدركة أن لا أحد يمكن أن يصدق إدعاءاتها الزائفة.

وأن الطرف المعطل لذلك الاتفاق ليس سواها وأن كل الوثائق المسجلة تدمغها وتكشف كل الممارسات التي اتخذتها من أجل إجهاض هذا الاتفاق والقفز عليه، وإذا ما اعتقدت أحزاب المشترك أن بوسعها الالتفاف على كل هذه الحقائق وتضليل الرأي العام والشعب اليمني بأكمله، فإنها بذلك ترتكب جناية أخرى بحق هذا الشعب بمحاولتها إلغاء عقول الناس وتصويرهم على أنهم من السذاجة بحيث يصدقون أكاذيبها وزيفها المكشوف والمفضوح.

وفي هذا الإطار فقد كان من الأجدى لأحزاب المشترك أن تكرس بيانها الأخير ومؤتمرها الصحفي للاعتذار للشعب اليمني، وطلب الصفح منه بدلاً من تلك الحالة من التخبط التي برزت بوضوح في بيانها الهزيل والممجوج الذي افتقر لأبسط مفردات الصياغة والترابط في المضمون وكأن تلك الأحزاب قد أرادت بهذا البيان الانقلاب على قواعد اللغة العربية كما انقلبت في بيانات سابقة على الديمقراطية واتفاق فبراير.

كما أن الأحرى بالمشترك بدلاً من تدبيج المصطلحات في غير مواضعها وتقديم النصائح للآخرين في ذلك البيان الهزيل والركيك، أن تنصح أولاً نفسها، إذ لا يجوز لمن لا يجيد حتى صياغة بيان حزبي من عدة أسطر أن يدعي امتلاكه وثيقة للإنقاذ الوطني، أو يدعي امتلاكه رؤية لبناء الدولة أو أن ينظر لعملية الإصلاح والتطوير والتغيير خاصة وأنه فشل في إدارة نفسه وإدارة حزبه وإدارة مواقفه وخطابه السياسي.

فهل من هو بهذه الوضعية والحالة المهترئة والجمود الذهني والسياسي يمكن له أن يدير دولة أو يصبح ناصحاً لآخرين يمتلكون الكفاءة والقدرة على الاضطلاع بمسئولياتهم وواجباتهم على الأصعدة السياسية والاقتصادية والتنموية والمعيشية للمواطنين وقيادة عملية التغيير والإصلاح الداخلي واستكمال بنيان الدولة اليمنية الحديثة ومشروعها الوطني المعبر عن هموم وآمال وتطلعات أبناء الشعب اليمني؟..

وهل هؤلاء بحاجة إلى نصائح المشترك لكي يتعلموا كيف يتصدون لدعاة الفتنة والفوضى والانفصال والتخريب؟ وكيف يحمون سفينة الوطن وسكينة المجتمع من الأيادي العابثة والموتورة والحاقدة؟.

والحق كل الحق أن أحزاب اللقاء المشترك هي أحوج ما تكون للنصيحة وأحوج ما تكون لإعادة تقييم نفسها وأحوج ما تكون للتعلم من دروس الديمقراطية، والتعلم من تجاربها، وأحوج ما تكون إلى فهم واستيعاب أن الديمقراطية لا تعني الفوضى وأن حرية الرأي والتعبير لا تعني انتهاك الدستور والقانون.

وأن التظاهر والاعتصامات لا يمكن أن تكون غطاء للدفاع عن القتلة واللصوص والمخربين وقطاع الطرق الذين يستبيحون حياة ودماء وممتلكات الناس، بل أن الديمقراطية هي الوسيلة الناظمة لحق الاختلاف في الرأي وحق الناس في اختيار حكامهم، وحق المواطنين في المشاركة في صنع القرار والمشاركة في مسيرة البناء.

كما أن الديمقراطية وسيلة للبناء وليست أداة للهدم وإشاعة الفرقة والفتن والبغضاء والكراهية بين أبناء الوطن الواحد.

ويبقى الدستور والقانون الحكم بين من يسعى إلى البناء وبين من لا يجيد سوى الهدم والتدمير والتخريب والإضرار بمصالح البلاد والعباد.

وهؤلاء هم المعنيون بالاعتذار للشعب.

Email