الرياضة أخلاق قبل أي شيء

الرياضة أخلاق قبل أي شيء

ت + ت - الحجم الطبيعي

نكمل حديثاً بدأناه أمس عن الحماس الجماهيري المتقد في ملاعب كرة القدم والخلافات التي تسفر عنه، محدثة شقاقاً بين أبناء المنطقة، حتى إذا ما احتدّت تلك الخلافات، مسّت علاقات سياسية ومصالح مشتركة بين بعض الدول، ما يعني أن وجود هذا النمط من الخلافات اقترب من أن يكون «ظاهرة» لا ينبغي تجاهلها، ولا ينبغي السماح للإعلام الرياضي -لاسيما المرئي منه- بتوسيع دائرتها لتتجاوز الأعراف الرياضية.

لا نتجاهل الحماس الرياضي الطبيعي لدى اللاعبين وجماهيرهم، ولا ننظر إلى القضية بكثير من المثالية، فالحماس الرياضي يتسبب في تعرض الأطراف المساهمة في المباريات للمضايقات بعد انتهاء المباراة، وهذه الخلافات غالباً ما تكشف عن خلل في التحكيم، وضعف في الجوانب التنظيمية والأمنية أثناء وبعد المباريات، لكن تلك الممارسات وردود الأفعال السلبية لا تظهر في الإعلام.

وبهذا الشكل المسيء، إلا في المجتمعات العربية والخليجية، ما يجعلنا نتحسر على تخلفنا عن المجتمعات الغربية التي يشاهد ويحضر مباريات أنديتها الملايين من الجماهير، ومع ذلك يبقى اختلافهم حتى آخر اللحظات راقياً وبعيداً عن التجاوزات الأمنية والقانونية.

ولم نسمع أن خلافاً بين أي من أنديتهم أو منتخباتهم أصبح مادة دسمة لإعلامهم المحلي أو الخارجي، فهم ينظرون إلى الرياضة على أنها أخلاقيات والتزامات، قبل أن تكون مباريات وتصفيات، ولو كان الأفراد والأندية والمنتخبات تنظر إليها النظرة نفسها، لنأوا بأنفسهم عن هذه الممارسات التي تكرّس أنماطاً سلبية في المجال الرياضي، يفترض غيابها كلية عن مجتمعاتنا التي حققت تنمية واسعة.

وبات من اللازم عليها تجاوز الهنات. الرياضة قبل أن تكون هواية وممارسة هي أخلاق لابد من التزام اللاعبين والجمهور بها قدر المستطاع، لأنهم يمثلون أنديتهم ودولهم في مجتمعهم المحلي وخارجه.

وتمثيل الدول لا يحتاج إلى ممارسات على أرض الملاعب تتصل بالجانب الرياضي، بل لابد له من أخلاق يتسم بها اللاعبون، تعينهم وجمهورهم على ضبط أنفسهم والالتزام بالمبادئ والمرتكزات التي تربوا عليها، فأن تكون شاباً ولديك الطاقة الكافية لتمارس رياضة ولتتصدى لأقوى الأندية، فمن باب أولى أن تتحكم بأعصابك، وتضبط نفسك قبل انفلات الأمور من يديك، فتصبح خارج الملعب، وقد فقدت الرياضة التي عشقتها، والاحترام الذي كان رأس المال الأغلى لديك كلاعب.

وضبط النفس إن كان واجباً محتماً على أي لاعب، فلابد أن يستوعب الجمهور دوره في مسألة الضبط هذه، من خلال ضبط أنفسهم، ومراعاة الاعتبارات التي ينبغي الالتزام بها في حالتي الربح أو الخسارة، ولو كانت الخلافات في الدنيا تقوم من أجل انتصار فريق على فريق لما نعم العالم بسلام أبداً.

maysaghadeer@yahoo.com

Email