آلاف الوافدين بدون إقامات في دول الخليج أ.د. عبدالمالك خلف التميمي

آلاف الوافدين بدون إقامات في دول الخليج

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتحدث المواطنون في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن أن عدداً كبيراً من العمال الوافدين في المنطقة ليست لديهم إقامات ومخالفون لقانون الإقامة إما إهمالاً في عدم تجديدها، أو تهرباً من رسوم الإقامة، أو تهاوناً من الكفيل وعدم اهتمامه لكن المشكلة قد أصبحت ظاهرة في دول الخليج العربية.

ونسمع ونقرأ يومياً عن حالات إلقاء القبض عليهم من جهات أمنية في دولنا حيث تقرر إبعادهم لأنهم موجودون بصفة غير شرعية وغير قانونية، وهناك أضعاف أضعاف تلك الأعداد تختفي بعيداً عن أعين الجهات الأمنية من مخالفي قانون الإقامة في هذه الدول.

ويعرف كثير من المواطنين أعداداً منهم لكن المواطنين لا يهتمون بهذه الظاهرة إما لأنهم يعتبرون أن تلك المخالفة مسؤولية وزارات الداخلية وليست مسؤوليتهم، وإما تعاطفاً معهم لأن بعضهم يعمل لدى مواطنين يعلمون بان هؤلاء العمال مخالفو قانون الإقامة إما لأن أجورهم قليلة، أو لعدم الاهتمام بأوضاعهم أو تعاطفاً معهم لأنهم فقراء ذلك يحدث دون شعور بمخاطر تلك الظاهرة وآثارها.

لقد ذكر صديق لنا قصة قائلاً «كنت قد أعلنت في صحيفة إعلانية عن حاجتي إلى سائق فتقدم بعض السائقين من الجنسيات الآسيوية، وأن معظم الذين قابلتهم كانت إقاماتهم وبطاقاتهم المدنية منتهية منذ عدة أشهر وبعضهم منذ أكثر من سنة، ومؤكداً أن هناك الآلاف في كل دولة من دولنا بهذه الحالة وهذا يتطلب التحرك لضبطها ومواجهتها» ويمكن هنا أن نطرح بعض الأسئلة المهمة المتعلقة بهذا الموضوع:

ما هي الآثار الأمنية والاجتماعية لظاهرة تواجد آلاف الوافدين في دول المنطقة مخالفين لقانون الإقامة؟ وهل لدى دول المنطقة إحصاء دقيق بأعدادهم؟ وهل اتخذت السلطات إجراءات بحقهم؟ وهل هناك جرائم وقضايا في المحاكم ضد بعضهم، ويهربون بسبب تلك المخالفة والتهرب من تنفيذ الأحكام؟ نحتاج هنا إلى الإجابة عن هذه الأسئلة.

أولاً وقبل كل شيء يجب معرفة حجم المشكلة كمياً، فهل لدى دول المنطقة إحصاء بمخالفي الإقامة، ثم هل يدخل البدون جنسية ضمن أولئك المخالفين؟ فعلى الرغم من التطور العلمي والتكنولوجي وعلم الإحصاء السكاني إلا أن دولنا لا تزال غير قادرة على ضبط مثل هذه الظاهرة. لابد من معرفة أعداد مخالفي الإقامة في كل دولة من دولنا وأسباب تلك المخالفة، وبعد ذلك تبدأ المعالجة.

ولم ندرك بعد بأن آثاراً أمنية واجتماعية وربما سياسية تترتب على استمرار تلك الظاهرة إنه لأمر محير حقاً أن تترك تلك الجيوش البشرية بدون وجود شرعي وقانوني في دول قانونية ودستورية! وان المعالجات موسمية ومحدودة وليست جذرية وشاملة، وهذا يطرح قضية أخرى: هل لدى دولنا خطة للتركيبة السكانية في كل دولة، ومعرفة حاجتها الفعلية للوافدين؟

ثم عند استفحال الظاهرة والحديث عن مخاطرها ما هي الإجراءات الحكومية لمواجهتها؟ يبدو أن لدى مجالس ووزارات التخطيط وشؤون العمل في دولنا اجتهادات وإجراءات متعثرة ونظرية ومعالجات آنية ومنقطعة تجاه الذين يقيمون بدون إقامة وإلا لماذا استمرار الظاهرة وشكوى الناس منها.

نقول إن أجهزة دولنا وإمكانياتها متوفرة لمعرفة المخالفين لقانون الإقامة، وإمكانية ضبطهم ممكنة لكن السؤال لماذا تستمر الظاهرة؟ هل هناك خلل ما لا نعرفه وراء تزايد واستمرار ذلك ، نرجو أن نتحرك بسرعة لضبط ومواجهة هذه المشكلة ولا ننتظر حتى تستفحل ويصعب على دولنا اتخاذ إجراءات فاعلة تجاهها. ثم يمكن أن نسأل أيضاً :

ماذا عن الجرائم التي يرتكبها بعض مخالفي قانون الإقامة والتهرب من تنفيذ الأحكام؟ ألا تواجه الجهات القضائية مشكلة في ذلك؟ فإذا كانت هناك صعوبة في تنفيذ الأحكام بحق من لديهم إقامة فكيف بمخالفي قانون الإقامة.

علينا أن ندرك حكاماً ومحكومين بأنها مسؤولية جماعية نشترك جميعاً في وعيها وإدراك مخاطرها، ثم التحرك لضبطها لكنها في الأساس مسؤولية أجهزتنا الحكومية إن بداية الوعي والتفكير بالحل لأيه مشكلة تبدأ بطرح الأسئلة ومعرفة الأسباب لكن إلى متى نظل نطرح الأسئلة وتبقى بدون إجابة في مسألة الوافدين بدون إقامات في دول الخليج العربية. هذه دول مدنية وفيها قوانين وليست جمعيات خيرية عسى أن يساهم هذا المقال بالاهتمام بهذه القضية وتكون ضمن أولويات المعنيين بالأمر في دولنا.

كاتب كويتي

tamimimalek@yahoo.com

Email