أصدقاء اليمن الذين نريد

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

تتجه أنظار أهل اليمن إلى أبوظبي، التي ستستضيف يومي 29 و30 مارس الجاري اجتماع مجموعة أصدقاء اليمن، التي تأتي استجابة لدعوة ايطالية ورغبة إماراتية خليجية دولية في تأسيس هذه المجموعة، على غرار مجموعة أصدقاء باكستان.

المجموعة التي سترى النور في أبوظبي ينتظر أن تضم كبرى الدول والمنظمات الدولية، وتهدف كما هو معلن إلى مساندة جهود الحكومة اليمنية في التصدي للإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار وتحسين التنمية المستدامة.

حتى هذه اللحظة لا ندري ما هي الدول، والمنظمات الدولية التي ستنضم إلى هذه المجموعة، غير أن الأكيد أن دولا مثل ايطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ستشكل نواتها.

ولا ندري ما يمكن أن يسفر عنه اجتماع أبوظبي ولا ما الذي يمكن أن تقدمه هذه المجموعة، غير أننا نعلم يقينا أن تجربة مجموعة أصدقاء باكستان حتى الآن لم تقدم شيئا لهذا البلد الذي بات واضحا انه كلما كثر أصدقاؤه زادت محنه وعظم بلاؤه، ونخشى على اليمن أن يصيبه ما أصاب باكستان.

رغم كل هذا التشاؤم من طبيعة وأهداف مثل هذه المجموعات والمؤتمرات خصوصا الدولية منها، في ضوء عدد من التجارب التي لا مجال للحديث عنها هنا، إلا أن هناك مساحة واسعة من الأمل فيما يخص مجموعة أصدقاء اليمن، ذلك أن المجموعة ستنطلق من دولة الإمارات وتحديدا من أبوظبي التي لم يأتنا منها إلا كل خير.

وهذا بحد ذاته مصدر تفاؤل كبير وخصوصا أن تجربتنا مع كل ما أتى ويأتي من أبوظبي تؤكد أن خير الإمارات الذي يأتينا دائما ما يكون خالصا مخلصا لا دخن فيه.

أعلم يقينا أن دولة الإمارات وعبر سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية تقود جهودا جبارة نحو إخراج هذه المجموعة إلى حيز الوجود، وقد استمعت شخصيا إلى حديث هام جدا لسموه مع الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني، حول أهمية وضرورة هذه المجموعة وما يمكن أن تقدمه لليمن من عون في سبيل الخروج من الواقع المر الذي تعيشه البلاد.

لا نختلف على أهمية هذه المجموعة، غير أن ما نخشاه أن يكون للقوى الأخرى التي ستنضم للمجموعة رأي آخر وتوجهات ومآرب أخرى، فتغيب حاجات اليمن الحقيقية، وتهمل مشاكله الرئيسية لتركز على ما يهمها وهو جانب ضيق من جوانب الأزمة، تماما كما حدث في مؤتمر لندن ومن بعده مؤتمر الرياض إذ ناقشا كل شيء إلا أزمات اليمن الحقيقية.

بالتأكيد أن وجود مجموعة أصدقاء لليمن أمر في غاية الأهمية، لكن الأهم أن يكون هؤلاء أصدقاء حقيقيين، وأن يتمثلوا الحكم العربية الشهيرة بان «صديقك من صدَقك لا من صدقك»، و«صديقك من أضحكك لا من ضحك عليك».

نحن بحاجة إلى أصدقاء حقيقيين يعينوننا على تجاوز أزماتنا الحقيقية، من خلال معالجة الجذور الأساسية للأزمات وليس مجرد الاكتفاء بمعالجة بعض مظاهر تلك الأزمات، أصدقاء يقدمون مصلحة اليمن كبلد وكشعب فوق أي اعتبار.

نريد أصدقاء ينحازون لليمن لا لبعض القوى فيه بغض النظر عن مواقع هذه القوى سواء في السلطة أو المعارضة، أصدقاء يقفون على مسافة واحدة من جميع الفرقاء وان يكون الحاكم هو الصالح اليمني لا غير.

أدرك جيدا أن تعامل مجموعة أصدقاء اليمن لن يكون إلا مع الحكومة القائمة وهي حكومة شرعية بحكم الدستور والقانون ولا شك في ذلك، غير أن المطلوب منهم ألا يكونوا صدى لها فقط، وألا يكون صوتها هو الصوت الوحيد المسموع.

وبالتالي فإن المطلوب من أصدقاء اليمن أن يضغطوا على هذه الحكومة لانجاز جملة من الإصلاحات السياسية الضرورية لإخراج البلد من الحالة المؤلمة التي وصلت إليها، وإصلاح الاختلالات التي تسببت فيها السياسات المختلة والانتقائية التي مارستها الحكومات المتعاقبة حتى الآن ، أو على الأقل تنفيذ برنامجها الانتخابي وكذلك البرنامج الانتخابي للرئيس الذي حاز بموجبه على ثقة الناخب اليمني واكتسب مشروعيته في الحكم .

نريد من أصدقاء اليمن أن يدركوا أن مشكلة اليمن ليست اقتصادية تنموية أو مشكلة فقر وبطالة فحسب، كما أنها ليست مشكلة سياسية أو ثقافية أو قبلية.

وهي بالتأكيد ليست مشكلة أمن وإرهاب فقط، بل هي كل ذلك معا وعليهم بالتالي أن يعينونا على معالجة هذه الأزمة وفق منظور شامل متكامل ينطلق من الأولويات ومن الأهم قبل المهم كي تثمر جهودهم في إخراجنا مما نحن فيه، وبدون ذلك فإن المجموعة ستكون مجرد امتداد لمجموعات ومؤتمرات لا تسمن ولا تغني من جوع.


 

Email