ملاحظات سجين سابق

ملاحظات سجين سابق

ت + ت - الحجم الطبيعي

جاء محملا بكم من الأوراق تحوي قوائم بحروف أسماء شباب مواطنين، أعمارهم وأحوالهم وأوضاعهم في المؤسسة العقابية التي خرج منها، لكن خروجه إلى الحياة الوسيعة لم ينسه ما كان في السجن وما شاهده هناك، وما خلفته السنوات من آثار.

يقول المواطن الذي قضى سنوات في السجن بسبب تعاطي المخدرات وخرج تائبا لا يبغي من الماضي بذكرياته السيئة سوى إنقاذ أجيال تقع في فخ الإدمان.

الشاب الذي لا يتعدى الثامنة عشرة أو أقل من ذلك، يقبض عليه نتيجة تعاطي حبة مخدرة أو سيجارة محشوة مخدرات، يجد نفسه ومنذ لحظة القبض عليه في مواجهة مع سلسلة إجراءات رسمية مخيفة كفيلة لأن تجعله وكأنه مجرم كبير، لا مريضا يريد من يحتضنه ويرشده ويعيده إلى الصواب.

وفي مراحل التحقيق ومراكز التوقيف يتعلم الكثير، وتكون الطامة الكبرى بعد المحاكمة واختلاطه بكم من خبراء التعاطي والاتجار والمنحرفين والمرضى. لا يحتاج هذا الشخص لأكثر من أيام حتى يتحول إلى إنسان آخر، يتعلم كل ما هو ضد القانون والطبيعة البشرية.

يضيف قائلا: قابلت في السجن شبابا مواطنين مدمنين، البعض ترك الإدمان برمته والغالبية لا تزال بين هذا وذاك، كثيرون منهم مصابون بأمراض معدية، البعض أصبح منحرفا، وآخرون يحلمون بالغد، وكثيرون لا يأبهون لشيء، والأبيض والأسود أصبح عندهم سيان.

يقول السجين السابق: منذ دخولي السجن، وأنا في حالة مراقبة ومتابعة لما يدور حولي، كنت أرى في الصغار صورة ابني الشاب، الذي أصبحت أخاف عليه من كل شيء وهناك كنت أتألم لأحوال شباب بلادي، وأجلس معهم لساعات أتحدث إليهم، وأنقلهم إلى عالم أشبه بالأحلام، كانوا يتحدثون ويخرجون ما في دواخلهم، يتمنون لو قامت السلطات منذ البداية بإلحاقهم بمعسكرات الشرطة والجيش وإدخالهم في دورات شاقة تعلمهم معنى الرجولة، وتعيدهم إلى رشدهم، وتبعد عنهم شبح الوقوع في براثن الادمان وشباك تجار المخدرات والموت والهلاك.

يتمنون لو أن السلطات تفرق بين حديثي الإدمان ومن دأبوا على تعاطي المخدرات، فلا تخلط بين هؤلاء وأولئك، ولا تقدم الشباب فريسة سهلة لمجرمين كبار، أشياء وأشياء تطرق لها المواطن الذي يعلن إصراره على عدم الالتفات إلى الوراء، ولا يخفي خوفه على الشباب.

fadheela@albayan.ae

Email