خطأ وخطيئة

خطأ وخطيئة

ت + ت - الحجم الطبيعي

فن استجداء الشماعات بحاجة إلى معارض في الهواء الطلق بعد أن أجدنا ممارسة هذا التشكيل أفرادا وجماعات، وان كان فنا قبيحا قميئا يستوجب الاستئصال، لكن هذا هو الحال عندما نتداعى مباشرة إلى الآخر، لكي نحمله نتيجة أخطاء نحن جناتها وفي كثير من الأحيان مع سبق الإصرار والترصد.

ثقافة هي إذن عربية الهوى منغرسة في جينات الروح، وفي ذلك يتساوى الكثير من الناس عندما يذهبون سادرين في غيهم وغوايتهم، غير عابئين بأطياف التوقف التي تنذر بلزوم المراجعة وتوجيه الأصابع إلى العيون لكي يتحمل صاحب الخطأ ما صنع.

لكن لم يجرح هذا التائه خلاياه المخملية بمحاسبة قد تؤلمه قليلا، في حين أن المشاجب تتكاثر من حوله، وما عليه سوى أن يختار منها ما يشاء، لكي يضع عليها أوزاره ويمضي أو تمضي به الحياة إلى مستنقع الضياع فاقدا أهلية التقاط النفس قبل أن تغور إلى المجاهل.

المشهد أقرب إلى الذبائح الهامدة المعلقة في انتظار التقطيع.

هل الصورة قاتمة إلى هذا الحد؟!

الإجابة نعم إذا ما كانت الالتفاتة نحو الأعمق، وتم الفرز من قبل ضمائر حية، لا تلك التي تعاطت أفيونا غيبها عن الوعي، وتمنطقت بالواهي من الأعذار، التي هي أقرب إلى اللطم المدفوع التكاليف.

فلا ندم حقيقياً ولا حزن على ما ارتكب من خطايا، ولا استدراك عاقل في المحصلة التي قد تصل إلى حد الكارثة نتيجة لهذا الانغماس المترامي الإطراف، بعيدا عن مصارحة تستدعي الاعتراف بالذنب وتحمل المسؤولية.

قد نضحك عندما يتعلق أطفالنا بأقرانهم ويحملونهم أخطاءهم وبعض من هذه البراءة قد لا تلاقي صدورا متسامحة، بل تنال عقوبة ما فعلت مع أنها لم تصل مبلغ التكليف، وما زالت تعيش مرحلة التجربة، لكن الأثقال تقع عندما يهرب الكبار السمان الغلاظ من فضيلة الاعتراف، بما تفتقت به عقولهم وقررت أهواءهم وأمضته نفوسهم، وارتكبته قلوبهم، وشهدت عليه جوارحهم.

الزفرة الحارقة عندما يأتي هذا النزف من رجال كلفتهم الأقدار حينا من الدهر ناصية القرار في حياة الشعوب، فإذا بهم من أولئك الذين يجيدون صناعة الشماعات الواهمة لكي تتحمل أوزارهم بدلا من أن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية عندما تنقشع غيوم الضلالة ويظهر نهار الحقيقة، بل هي المسارعة إلى البراءة من جرم ما فعلوه، والانكفاء على التبرير حد التزوير وان كانت النتيجة خسارة وطن ووأد كرامة وتغييب امة.

هنا الحالة هل تستوجب الشفقة أم الضحك أو البكاء أم هو إنذار. لا ادري لكن الفكرة تكمن في التدبر.

talib99@emirates.net.ae

Email