الدستور - الأردن

حينما يصر الاحتلال الصهيوني على تهويد القدس

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوماً بعد يوم ، تتكشف مخططات عصابات الاحتلال الصهيونية ، وأهدافها التوسعية ، والتي تصب في تهويد المدينة المقدسة ، وترحيل أهلها العرب المقدسيين ، وذلك لتطبيق اجراءات عنصرية ، وتطهير عرقي ، يتجلى في أبشع صوره بهدم المنازل ، وسحب الهويات ، حيث بلغ عدد هويات العرب المقدسيين التي سحبت خلال العام الماضي اكثر من 4500 هوية ، وهو ما يعادل أكثر من نصف الهويات التي صودرت منذ سقوط المدينة العربية في الاسر عام 1967م.

لقد كشف الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين عن الخطوط العريضة للمخطط الاسرائيلي الخطير ، والذي يهدف إلى تحويل القدس إلى مدينة يهودية بحلول العام 2020 ، وتم رصد 15 مليار دولار لهذه الغاية ، وذلك بضم الكتل الاستيطانية المحيطة بالقدس إلى المدينة ، ومصادرة العديد من الاراضي ، كما حصل مؤخراً ، في بلدة العيسوية ، حيث تمت مصادرة أكثر من 660 دونماً من اراضي البلدة ، اضافة الى نقل اكثر من 40 الف يهودي من سكان الساحل ، إلى القدس ، لتصبح المدينة المقدسة يهودية بأغلبية %88 ، فيما لا يزيد عدد العرب المقدسيين عن 12%.

إن هذا المخطط الاجرامي الذي يجري تنفيذه على قدم وساق من قبل بلدية القدس المحتلة ، يتزامن ايضاً مع حملة هدم العديد من المنازل في ضاحية سلوان ، لاقامة مدينة توراتية فيها ، لاعتقادهم بأن داوود كان يسكن في هذه البقعة ، وبالفعل فقد تم حتى الآن اقامة 60 بؤرة اسكانية تضم معاهد دينية ، ومستوطنين ، ومدارس توراتية..الخ ، ما يؤكد ان العصابات الصهيونية تقوم بتنفيذ مخطط شمولي لتغيير معالم المدينة العربية الاسلامية ، مستغلة الوضع الفلسطيني المتردي ، والعربي العاجز ، والدولي المنافق.

لقد حذر جلالة الملك عبدالله الثاني ، أكثر من مرة ، من خطورة الاستيطان في مدينة القدس ، وخطورة انتهاك المسجد الاقصى المبارك ، معتبرا ذلك خطاً أحمر ، حاثاً الدول الكبرى ، على ضرورة التدخل ، وكبح جماح الاحتلال الاسرائيلي ، واجراءاته العدوانية ، والتي تعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ، ولحقوق الانسان ، ولقرارات الشرعية الدولية ، ومعاهدة جنيف الرابعة.

إن استمرار هذا العدوان الغاشم على أقدس مقدسات العرب والمسلمين ، يدفع بالمنطقة الى الانفجار ، وهذا ما عبر عنه بوضوح تام ، قائد الوطن في حواره الشامل مع «السي. إن. إن» مؤخرا ، مؤكدا تشاؤمه من بقاء الاوضاع جامدة كما هي ، مهيباً بواشنطن بالذات ، وقد أصبحت مصداقيتها على المحك ، أن تنهض بمسؤولياتها ، وتجبر اسرائيل على وقف الاستيطان ، كمقدمة ضرورية لاطلاق مفاوضات جديدة ، وفق أسس محددة ، وسقف زمني متفق عليه ، تفضي إلى دولة فلسطينية ذات سيادة ، وعاصمتها القدس الشريف.

وفي هذا السياق لا بد أن نذكر ايضاً دعوة جلالة الملك لاسرائيل بأن تخرج من عقلية القلعة ، وتنضم إلى مسيرة السلام ، بعد أن ثبت استحالة الاحتفاظ بالارض والسلام معاً ، وأن لا بديل أمامها اذا ارادت ان تعيش بأمن وأمان ، من الاستجابة لاستحقاقات السلام ، وشروطه واشتراطاته ، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ، ومبادرة السلام العربية.

مجمل القول: إن اقدام عصابات الاحتلال الصهيونية على تنفيذ مخططاتها الاجرامية بتهويد مدينة القدس المحتلة ، يتزامن مع قرعها طبول الحرب ، ما يؤكد اننا أمام مرحلة جديدة خطيرة ، كما اكد جلالة الملك في حديثه الاخير بدافوس ، ما يفرض على الدول العربية الشقيقة ، اجتراح موقف عربي جماعي قادر وفاعل ، على صد العدوان الاسرائيلي الغاشم على القدس ، وعلى الامة كلها.. فلا سبيل أمام الامة للجم العدوان الا بترسيخ التضامن وتوحيد الصفوف.

Email