الأفغان بعد مؤتمر لندن

الأفغان بعد مؤتمر لندن

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك تهيئة متسارعة للساحة الأفغانية لنقلها من ساحة الحرب إلى باحة المفاوضات مع المعارضة المسلحة، وهنا الأمر يتجاوز طالبان إلى آخرين، مثل قلب الدين حكمتيار ومجموعة حقاني، إضافة إلى كم من شيوخ القبائل الذين ينتشرون في النواحي، إما كُموناً في انتظار القادم من الأحداث أو مواقف معلنة قابلة للتغيير، حسب ما ستؤول إليه الأمور.

ولو كان لنا نصيب حوار مع الرئيس حامد قرضاي، لطلبنا منه توضيحاً مناسباً لهذا الجنوح العاطفي إلى العاصمة الرياض، بعد انتهاء مؤتمر لندن مباشرة، على أساس ما الذي يمكن أن تقدمه المملكة العربية السعودية في هذا المناخ المتشظي المتأزم المتخفي بأثقال من التعقيدات الميدانية والسياسية والإقليمية والدولية.

وأظهر قرصاي أملاً في دور لأرض الحرمين في القدرة على تليين العقول الصماء للملا عمر ورفاقه على أساس ما تمثله من مكانة دينية، لكن بداهة التحليل تذهب إلى العلاقة العضوية بين طالبان وتنظيم القاعدة، التي في ثمة حاجة إلى طول نظر قبل وضع ميكنة قادرة على الفصل بين التنظيمين المتطرفين.

يبدو أن قرضاي يعاني من فشل مزمن في إعداد ساحته الداخلية، لكي تواجه استحقاقات المرحلة، فأنصاره وحكومته ارتكست في الفساد إلى شحمات الآذان، وشراء الولاء بالمال أغرق كل مفردات التنمية التي وعد بها الشعب، الذي لم يذق راحة بال منذ أن وصل الاحتلال.

كما أن الرئيس الأفغاني يعاني إحباطا على جبهة حلفاء التحالف بقيادة واشنطن، وهذا نكاد نلمسه في تصريحات أدلى بها قبل مؤتمر لندن، حيث أشار في لقاء فضائي إلى أن بلاده لا تحتاج إلى خدمات الدول الغربية، وعليهم أن يحترموا أفغانستان وحكومتها، وان يفهموا أننا شعب، وأننا بلد لدينا تاريخنا وعزتنا وكرامتنا!!

إذن نحن أمام رئيس يائس بائس يحاول أن يدخل ما يستطيع من أطراف، لكي يوفر أطواق النجاة التي تضمن شيئاً من خيارات البقاء على الساحة في المستقبل القادم بسرعة هذه المرة، فالتحالف الأميركي الغربي وضع عملياً أجندة الرحيل مع فشل خيارات الحسم العسكري وكسر الجمود الطالباني الذي تغذيه البيئة بمدد من الثبات والنمو.

مفضلاً إدخال أطراف الجوار إلى الساحة الأفغانية من أجل إحداث تغيير في شكل الحراك ونقله إلى بؤر العواصم، خاصة باكستان التي كانت الحاضن الرئيس لحركة طالبان في فترة النشأة والاندفاع لمواجهة قيادات المجاهدين المتناحرة، بعد خروج السوفييت وسقوط الحكومة الشيوعية، مع تركيز الإشارة في هذا الصدد إلى الاستخبارات الباكستانية، التي امتلكت طوال الماضيات من السنين مفاتيح الكثير من الأبواب الأفغانية الخفية، فهل حان الوقت للعودة إلى استخدامها؟

talib99@emirates.net.ae

Email