القرصنة وسؤال بلا إجابة

القرصنة وسؤال بلا إجابة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

ودع العالم 2009، بكل إخفاقاته، لعل أبرزها الاخفاق الكبير في وضع حد لاعمال القرصنة بمحاذاة السواحل الصومالية، تلك الاعمال التي لم ينجح العالم بكل قواه في وضع حد لها.

هذه الظاهرة البغيضة تزداد عنفوانا، ويكفينا فقط أن نشير إلى أن العام 2008 شهد اختطاف 150 سفينة قبالة السواحل الصومالية، بينها نحو 50 تعرضت لها سفن شحن ونقل النفط الخام، بأطقمها الذين كانت اغلبيتهم من دول اوروبا الشرقية وروسيا وبقية دول الاتحاد السوفييتي.

تلك العمليات عادت على القراصنة بحسب ما هو معلن بنحو 150 مليون دولار، وليس بجديد القول ان كل تلك الاموال تستخدم لتمويل النشاط الإرهابي في الصومال، وخارجه.

وبدون شك فان المراقب يدرك بسهولة أن القراصنة لايتحركون بشكل عفوي أو عبثي، فالواضح انهم يتحركون بناء على معلومات وافية عن جميع السفن المارة، الأمر الذي يدل على أن لديهم وسائل قوية للمعلومات.

ورغم قرارات مجلس الأمن الدولي التي تجيز للدول الكبرى والمنظمات الإقليمية، القيام بنشر سفنها الحربية وكذلك الطائرات العسكرية لمحاربة القرصنة على السواحل الصومالية واستخدام المياه والبر الصوماليين من أجل محاربة القرصنة.

وبرغم تواجد العشرات من القطع البحرية التابعة لدول الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي (الناتو) وروسيا والصين والولايات المتحدة وغيرها، لا يزال القراصنة يمارسون نشاطهم غير آبهين بكل تلك الجيوش.

والسؤل لماذا تعجز كل هذه القطع البحرية عن وضع حد لأعمال القرصنة تلك، ولعل الاجابة تكون كالتالي، وهل هذه القوات راغبة فعلا في وضع حد لهذه الاعمال؟ ومن يقف إذن وراء هذه الاعمال الاجرامية؟ وعلى وجه اكثر دقة من المستفيد من هذه الاعمال؟

وإذا كان من الصعب الحصول على اجابة شافية وحاسمة عن تلك الأسئلة، فان العديد من المحللين والمراقبين يرون أن دولا كبرى ربما تكون مستفيد ة من تلك الاعمال، والا كيف يمكن تفسير عدم اقدام السفن البحرية الأميركية على ملاحقة القراصنة والاستجابة لنداءت السفن عند تعرضها لهجمات القراصنة؟ وكيف يمكن تفسير عدم تعرض اي سفينة أميركية حتى الآن ولو لعملية واحدة؟

هناك من المحللين من يشير إلى أن الوضع الراهن يتيح للأميركان وغيرهم التواجد في مياه المحيط الهندي، مستغلين بذلك القرارات الدولية حول القرصنة للتواجد في هذه المنطقة الاكثر استراتيجية، والأكثر غنى بالثروات النفطية، بالإضافة إلى التواجد بالقرب من حدود القارة السمراء بكل ثرواتها.

ولعل ما يعنينا نحن في هذه المنطقة ان اعمال القرصنة خلقت جوا فاسدا، أتاح تهريب الأسلحة والأموال لتمويل الجماعات المتمرده وتنظيم القاعده سواء في الصومال أو في اليمن، فما نزال في اليمن عاجزين حتى الان عن وضع حد لتسريب الاسلحة والاموال للمتمردين الحوثيين عبر البحر، وكلما سمعنا عن دولة ترغب في إرسال سفن للمشاركة في المجهود الدولي زاد خوفنا من نواياها.

وإلى أن يعي الجميع ان القرصنة خطر ليس على الصومال أو اليمن فحسب، بل على العالم اجمع، فليس أمامنا نحن المكتوون بنيرانها الا الأمل بان يكون العام القادم 2010 عاما افضل، يظهر فيه الجهد الدولي جدية اكبر في مواجهة هذه الاعمال التي لم يعد بالامكان احتمال آثارها الكارثية.

 

Email