أكل البيت.. يمدحونه

أكل البيت.. يمدحونه

ت + ت - الحجم الطبيعي

حوادث تسمم مميتة تقضي على أرواح الأبرياء من الأطفال والكبار أحيانا وأخرى تفضي إلى أعراض وإصابات عديدة، جميعها من المفترض أن تدعونا كأمهات وأسر عموما إلى إعادة النظر فيما يحدث في بيوتنا وما يدخل جوف أبنائنا، وما غرسناه في نفوس النشء من ثقافة تفضيل الأطعمة من خارج البيت والوجبات السريعة على ما يعد في داخل البيوت ـ بغض النظر ـ إن كان الطاهية هنا الأمهات أنفسهن أو كانت بنفس «كوماري» أم «لاكشمي» أو «الطباخ سلام»، المهم أننا زرعنا ثقافة خاطئة لدى الأبناء وشجعناهم بإرادتنا أم رغما عنا على عادات غذائية يعترف أصحابها أنها في غاية السوء، وسلوكيات أوجدت لدينا أمراضا وإصابات لم يعرفها مجتمعنا في الماضي.

لا نتحدث عن الحالات التي قضت جراء تناول أطعمة لا نعرف ما هي الظروف التي طهيت فيها، ولا أيضا ظروف حفظ وتخزين المواد المستخدمة فيها، على الرغم من خطورة ما وقع، وأهمية أن تفتح السلطات المعنية بالرقابة والتفتيش الغذائي على المطاعم وغيرها ملفا ساخنا حول ما يدور في هذه المطاعم وما نتناوله فيها، فما حدث مسؤولية الجميع، وكل الأطراف المعنية ملامة ويجب هنا أن تطال المساءلة كل من له علاقة بأمن المجتمع الغذائي، وليس لأحد التنصل منها.

فليس أصعب على الوالدين من أن يقدما بأيديهما، عن حب، طعاما يقضي على صغارهما ويحولهما خلال ساعات جثثا هامدة، ولكن وحيث ان الكلام مهما أكثرنا منه لن يعيد للأسر التي فقدت أبناءها جراء تناول الأطعمة الفاسدة من خارج البيت، فليس أكثر من أن نتعلم من مآسي الآخرين ما يجعلنا نقي صغارنا شرورا في وسعنا تجنبها وأن نعيد للطعام المعد في البيت مكانته وأهميته.

وأن نقلل إن لم نتوقف تماما عن عادات سيئة تكثر هذه الأيام، حيث تمتد ساعات السهر حتى الصباح، وحيث تمتلئ الفرجان والأحياء السكنية بأنواع محال «الكافتيريا» تجوب دراجاتها النارية وسياراتها في رحلات مكوكية لتوصيل الخدمات إلى المنازل، هذا بخلاف مطاعم الوجبات السريعة التي تقوم بذلك مع انتشار فروعها في أرجاء المدن، ولا نبالغ إذا قلنا أن محل «كافتيريا» لا تزيد مساحته عن مترين في مترين، لديه ترخيص عدد كبير من الدراجات ويمتلك عددا من السيارات، تغطي تكاليف التشغيل بل وتحقق أرباحا قد لا يحققها مطعم كبير، لا يعمل بهذا النظام.

لا شيء لدينا ضد هذه المحال، ولكن هل يضمن أحد ظروف إعداد وطهي هذه الوجبات، خاصة أن معظمها عبارة عن مقالي تعد في زيت يسخن عشرات المرات، لدرجة يظهر طعم الزيت المحروق على الوجبات نفسها، ألا يعد ذلك خطرا كبيرا على صحة الأبناء وقد أصبحت البدانة والوزن الزائد سمة الحال في مدارسنا في الحلقتين الأولى والثانية، وتزداد بطبيعة الحال في مدارس الثانوية.

أليس من الجميل ان نتخذ من الحالات التي تسممت وماتت «ذريعة» وحججا لنبذ تناول الوجبات خارج البيت وإعادة ثقة الأبناء وشهيتهم إلى ما يعد في البيت حفاظا على صحتهم؟ فلم يعد شيئا آمنا ولم يعد الاعتماد على السلطات في تأكيد سلامة الاطعمة كافيا، وما يبذله المفتشون أصبح في حاجة إلى الوقوف حياله.

fadheela@albayan.ae

Email