الرياض - السعودية

المساءلة في كشف الحقائق!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقرير "فينوجراد" الإسرائيلي حتى لو جاء غير متطابق مع أفكار العقلانيين هناك عندما أخفى مصادر العجز وما يشبه الهزيمة الحادة في جنوب لبنان، وحاول من خلال صفقات سرية الإبقاء على رئيس الحكومة، ونزع العجز، أو الاحباط للمؤسسة العسكرية، فإنه تحقيق لا يتكرر - بمنطقتنا العربي لفارق الأنظمة ومفاهيم الأمن الوطني التي لا ترتكز على قرارات القيادات إذا ما أخطأت لتحاسب وتظهر الحقائق، كما هي، وهنا السبب في نجاح إسرائيل في حروبها ووسائل تجسسها وأفعالها أمام فوضى عربية تحسّن السيئ، وتبرر الخطأ بوسائل أكثر إضحاكاً، لنقرأ الصورة الموازية والحقيقية في تحاليل وتقارير الدول الخارجية التي تبني مصادرها على معلومات أكثر دقة من رصدنا وما نسكت عليه ونخفيه، وهي أزمة صدق المعلومة، لأن كل ما نفعله ممتاز وناجح..

نكره إسرائيل، ونراها مصدر العديد من عقدنا السياسية، وذهاب أموالنا في التسلح، والاستعداد للحروب عندما تذبح الفلسطينيين، وتقاوم أي قدرة عسكرية أو مادية يحصل عليها العرب، لكن لا يجب إخفاء عجزنا عن مواجهة واقعنا، كما تفعل، وهي تكرر تجربة المساءلة عندما هزمت في حرب 1973م في تشكيل لجنة تبحث وتحقق بالأسباب والنتائج، لكننا خضنا حروباً معها، ودخلت لبنان غازية، وضربت في مدن بعيدة، وحاربنا إيران، وتعاونا مع أمريكا وقوى دولية في تحرير الكويت من غزو صدام، وشهدنا حرباً أهلية في لبنان، وما يشبهها في السودان والصومال، ولا نزال نرى في السماء بروقاً ورعوداً لحروب وأزمات أخرى، لكن هل من تساؤل وتحقيقات في فتح ملفات سرية وعلنية حتى لا تستمر الخدعة، ونمارس تغطية العيوب والأخطاء؟..

مثل هذه القفزة على الواقع لا توجد في أنظمة أحادية الجانب تفتقد لأدنى الحريات السياسية والحكم المدني، لأن البرلمانات ومجالس الشورى، والأعيان، وغيرها تصنع من داخل المؤسسة الحاكمة، وتفصل على مقاسات نظام الدولة، ومن هنا نشأ العجز في المعالجات الصحيحة أمام ترسيخ الخطأ على ذمة الآخر في الخارج، أو ما درجنا عليه في عقدة المؤامرة..

فالذين تعاقدوا مع النظم الاشتراكية في مرحلة سابقة، أزالوا بعض الأفكار والاتجاهات، مع الإبقاء على أساليب القمع والمفاهيم البوليسية، ورفع نفس الشعارات حول الرجعية والإمبريالية، وصراع الغرب مع الشرق والعكس، في وقت زالت القوى الرئيسية الحاكمة بالأساليب الماركسية في الاتحاد السوفياتي ومنظومته والصين التي تمهد لإزالة آثار ماوتسي تونج في احتفال ديموقراطي تدريجي.

الذين ذهبوا إلى الاتجاه الغربي خانتهم الثقة بتلك الدول إذ حاربت أعداءهم من خلال كل الجهات الدولية بضرب المعسكر الشرقي، لكن صراعات المنطقة بقيت كما هي وفي هذا التلاقي والتنافر أصبح المواطن العربي ضحية التلاعب بمشاعره عندما حقنته وسائل الإعلام بما يخالف المنطق والعقل ليكشف الصورة الأخرى بمسلسل الهزائم والعجز عن فك طلاسم نجاح الآخرين بالتوجّه نحو نظم سياسية واقتصادية قدمتهم في سوق المنافسة وتقدم في الإنجازات والإنتاج، ولأننا نقف في الطابور الأخير في واقع يزداد تردياً مع العالم، فمن يقف ويسأل كل المؤسسات عسكرية أم مدنية، سياسية أم اقتصادية بتشابه مع إسرائيل؟

Email