اليوم يمر عام على العدوان الإسرائيلي البشع على لبنان الشقيق. استمرت حرب «تموز» 33 يوما، استجمع خلالها الإسرائيليون قواهم العسكرية واستخدموا شتى أسلحتهم التدميرية على أمل تركيع الشعب اللبناني البطل. ولكن أبناء أرض الأرز كانوا يزدادون صموداً وإصراراً على المقاومة كلما اتسعت رقعة العدوان الذي ارتكب الإسرائيليون خلاله أشكالاً جديدة من جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي.

ارتكبوا مذابح في العديد من القرى اللبنانية ومنها مجزرة «قانا» الثانية. دمروا أكثر من 90 ألف مسكن وفقد نصف مليون لبناني منازلهم. دمروا معظم مرافق البنية التحتية. ظلوا ل33 يوماً يمطرون لبنان بأكثر من خمسة آلاف قنبلة يوميا. وخلف العدوان الإسرائيلي ما يقدر بمليون قنبلة عنقودية، لم تنفجر ولكنها لوثت المزارع والمناطق السكنية في الجنوب اللبناني.

حول الإسرائيليون المزارع الخضراء في ربوع الجنوب إلى حقول للقتل. وتقول مسؤولة الإعلام والبحث الميداني للأمم المتحدة في نزع الألغام «داليا فران» ان هناك صعوبات حول إزالة هذه القنابل وذلك بسبب عدم إعطاء إسرائيل الأمم المتحدة حتى الآن معلومات طلبتها منها تحدد المواقع الجغرافية، إضافة إلى النوعية والكمية التي ألقتها إسرائيل على الجنوب، وحتى اليوم تمت إزالة أكثر من 4000 قنبلة عنقودية حيث عمل على تفجيرها، ولكن هناك مخاطر تهدد اللبنانيين، لأنها تتواجد في الحقول الزراعية وهي سريعة الانفجار.

حصيلة عدوان «تموز» 1200شهيد لبناني معظمهم من المدنيين ومن بينهم نساء وأطفال. والخسائر من العدوان بلغت قرابة أربعة مليارات دولار، في وقت يغرق فيه هذا البلد العربي الجميل ـ سواء بسبب العدوان الإسرائيلي أو احتقان ساحة لبنان السياسية ومسلسل الاغتيالات المريب ـ في انهيار بنيوي كما يقول أحد الخبراء الاقتصاديين.

ولكن.. رغم مشاهد القتل والدمار والخراب التي جلبها العدوان الإسرائيلي، إلا أن لبنان خرج من تلك الحرب قوياً صامداً. بل كانت له الغلبة على إسرائيل بشهادة لجنة «فينوغراد» الإسرائيلية التي حققت بشأن الحرب. اعترفت اللجنة ضمناً بهزيمة إسرائيل في حرب تموز. رحبت إسرائيل بوقف إطلاق النار في 14 أغسطس «تموز»، وخرجت من الحرب ـ كما يقول المراقبون ـ دولة غير الدولة التي خاضت الحرب في 12 تموز.

فقد صارت محبطة واقل ثقة بالنفس بل ومشوشة، على حد تعبير المحللين الذين أجمعوا على أن الحرب دمرت سمعة ثلاثة رجال على قمة السلطة، وهم رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع عمير بيريتس ورئيس الأركان دان حالوتس. وفقد الأخيران منصبيهما فاستقال حالوتس وترك بيريتس وزارته بعد أن خسر زعامة حزب العمل الشريك الأساسي لرئيس الوزراء أولمرت في الائتلاف الحاكم.

أولمرت وحده بقي في منصبه مهموماً محسوراً، وليس من المستبعد أن يعيد الكرة مرة أخرى. فهناك تدريبات ومناورات إسرائيلية، خاصة تلك التي شهدتها مرتفعات الجولان السورية المحتلة.إسرائيل اعتادت أن تبحث عن الذرائع لتبرر عدوانها على العرب. اعتادت العدوان على الآخرين. ولكنها ستكون واهمة إن ظنت أن أي عدوان جديد تشنه ستخرج منه بغنائم. عليها أن تنظر إلى تجربة لبنان لتعرف الحقيقة. تحية إلى شعب لبنان في عيد صموده، ونأمل ان يتجاوز خلافاته ليعود من جديد واحة عربية مستقرة يتهافت عليها العرب والزائرون.