زيارة صالح للإمارات

زيارة صالح للإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

يصل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في الثلاثين من يناير الجاري إلى أبوظبي في زيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة هي الأولى له منذ تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مقاليد الأمور في نوفمبر 2004.

وتكتسب الزيارة التي تستمر لمدة ثلاثة أيام أهميتها من كونها تأتي بناء على دعوة رسمية كان صاحب السمو الشيخ خليفة قد وجهها للرئيس صالح قبيل عيد الأضحى المبارك، كما تكتسب أهميتها من طبيعة الملفات والقضايا التي يتوقع ان تكون محورا لها، الأمر الذي يمكننا معه القول إنها زيارة الملفات المفتوحة.

وبغض النظر عن التميز الذي اتسمت به العلاقات اليمنية الإماراتية، والدعم الذي قدمته الإمارات وما تزال لليمن، وبغض النظر عن مشاعر الود والوفاء التي يكنها اليمنيون للإمارات قيادة وحكومة وشعبا، فإن آمالا عريضة يعلقها اليمنيون على هذه الزيارة خصوصا المغتربين منهم في الإمارات.

فالزيارة تأتي بعد فترة من «الفتور» الذي أصاب العلاقات كان من نتيجته تعطل عمل اللجنة اليمنية الإماراتية المشتركة، وتعطل العمل بالعديد من الاتفاقيات بين البلدين وهو ما لوحظ من تقلص حركة الزيارات الرسمية بين البلدين حتى وصلت إلى حد لا يرتق إلى التميز الذي صبغ العلاقات بين البلدين عبر التاريخ.

وإذا كان المقام غير مناسب لفتح هذا الملف فإن من المهم الإشارة إلى أن هذه الزيارة ستشكل نقطة تحول في مسيرة العلاقات بين البلدين، و تعيد هذه العلاقات إلى مسارها الطبيعي الذي يجب ان تكون عليه والذي يرضي قيادتي البلدين وشعبيهما، خصوصا بعد بروز العديد من المؤشرات على ان حقبة جديدة في مسيرة العلاقات بين البلدين في طريقها لتكون واقعا، وابرز تلك المؤشرات الدعم السخي ـ 500 مليون دولار ـ الذي التزمت به دولة الإمارات في مؤتمر المانحين لليمن الذي انعقد في لندن أكتوبر الماضي.

وباعتقادي ان الخبرة التراكمية والحكمة التي تميزت بها القيادة الإماراتية والموروث التاريخي والمعاصر للحكمة اليمانية كفيلة بأن تعيد الأمور إلى نصابها وان تتجاوز حالة «الفتور» تلك.

على كل فإن هناك ملفات ملحة مفتوحة وملفات أخرى يجب أن تفتح وان تناقش بشفافية أولها التعاون الأمني بين البلدين وسبل تعزيزه بما يعزز مسيرة التعاون بين الجانبين خصوصا وان البلدين وقعا في 3 يناير 2005 مذكرة تفاهم للتعاون والتنسيق الأمني فيما بينهما، فالأمن هاجس مشترك للبلدين والتعاون والتنسيق في هذا الجانب بلا شك سينعكس ايجاباً على امن البلدين.

الملف الثاني الاستثمار، فاليمنيون يأملون بأن تلتفت الاستثمارات الإماراتية إليهم فهم يرون أن هذه الاستثمارات تبحث عن الفرص في أصقاع الأرض، ويرغبون في أن تلتفت إلى بقعة هي الأقرب إليهم. على ان العتب في هذا الأمر لا ينبغي ان يوجه لرأس المال الإماراتي بقدر ما يوجه لليمن الذي لم يبذل من الجهود ما يكفي لكسب ثقة رأس المال هذا وإقناعه بجدوى الاستثمار في اليمن، ويبقى الأمل معقودا على هذا القمة لإيجاد الحلول المناسبة لهذا الأمر. وفي تقديري أن إيجاد الحل العادل والمناسب لقضية مناقصة موانئ دبي العالمية لإدارة ميناء عدن أمر في غاية الأهمية، خصوصا وان الجهات الرسمية اليمنية كانت قد أعلنت فوز موانئ دبي العالمية بتلك المناقصة.

أما الملف الثالث فهو وضع العمالة اليمنية في الإمارات والتي يصل تعدادها إلى نحو 70 ألفاً (هم جميع أبناء الجالية اليمنية في مختلف إمارات الدولة وفق إحصائيات الخارجية الإماراتية في سبتمبر الماضي)، ففي ظل العديد من العوامل والمتغيرات التي طرأت على المجتمع الإماراتي وخصوصا على سوق العمل، فقدت العمالة اليمنية العديد من المزايا التفضيلية التي كانت تتمتع بها، وإذا كان من البديهي والطبيعي أن دوام الحال من المحال فإنه من غير المنطقي ان تتعرض هذه العمالة لنوع من القيود التي تنطبق عليها دون غيرها، وليس خافيا على أحد ان العمالة اليمنية دون غيرها محرومة من تأشيرات العمل إلا في أضيق الحدود.

ومن المهم جدا الإشارة هنا إلى أن اليمنيين لم يعودوا يطالبون بمزايا تفضيلية، فهذه قضايا لم يعد لها وجود في سوق عمل تنافسي كالإمارات، وجل ما يطالب بهم اليمنيون هو مساواتهم بغيرهم، وإتاحة الفرصة لهم مثل غيرهم، وباختصار ووضوح شديدين فإن اليمنيين لا يطلبون من جهات الاختصاص الإماراتية أكثر من أن يخلوا بينهم وبين أرباب العمل وأصحاب الأعمال، بمعنى انه إذا تقدم صاحب العمل الإماراتي بقائمة عمالة إلى الجهات المعنية يريد تشغيلهم لديه فعلى هذه الجهة الرسمية أن تحترم رغبته وان توافق له على قائمته وان لا تضع إشارة «إكس» على اسم العامل اليمني دون غيره من عمال الجنسيات الأخرى الواردة أسماؤهم في نفس القائمة المرفوعة من نفس صاحب العمل.

أعتقد ان هذا طلب عادل ولا يضير الجهات الرسمية الإماراتية في شيء طالما ان صاحب العمل يرغب في تشغيل هذا اليمني. وفي تقديري فإنه بقدر ما ستنجح هذه القمة بوضع نهاية سعيدة لهذا الملف بقدر ما سيكون نجاحها في إغلاق بقية الملفات التي ترتبط به وتتداخل معه بشكل أو بآخر. ويبقى الحلم اليماني ان يحل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ضيفا كريما على صنعاء.

 

Email