شرعية قنبر.. فارس الخطاب

شرعية قنبر..

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ أسابيع وفي إحدى القنوات الفضائية شاهدت برنامجا حواريا كان أحد ضيوفه انتفاض قنبر القيادي البارز في حزب المؤتمر الوطني الذي يقوده أحمد الجلبي.

وكان الحديث بالطبع عن العراق ومشاكل الأمن والتوافق الانتخابي والمحاصصة والأداء الحكومي. وكحوارات باتت بالنسبة للمشاهد العربي أشبه بأحداث المسلسلات المكسيكية التي تدور معظمها في فلك من الدسائس والخيانات والرذيلة المغمسة بالكثير من العسل.

لم اكترث كثيراً بمحاور ضيوف البرنامج إلا أني لم استطع أن أتغافل عما كان يقوله قنبر من مغالطات سياسية ظن أو ربما هكذا يكون دوره أن المشاهدين مسمرين أمام شاشات التلفزيون ليهتدوا بكلماته وحكمه للخروج من أزمات كان هو والكثير ممن معه قد ساعدوا على بلوغهم إياها.

إن الغريب في أمر العراق هو انقلاب موازين العرف الوطني والتاريخي حتى بات المحتل محررا ومن ساعدوه وجاءوا معه وساهم في تضليله أيضا مخلصين وطنيين.

أما الشعب صاحب الأمر والضحية المطلقة في جميع الظروف فهو بين عمليات الاعتقال والاغتيال والتعطيل والإذلال ولا أحد يعرف مع من يتعامل ولمن يكون الولاء وكيف يمكن أن يتجنب الأذى والى أين ستمضي رحلة عذابه؟

قد يكون الكلام عند احتلال العراق في ابريل 2003 فيه شيء من الضبابية وعدم الوضوح بالنسبة للبعض وذلك بتأثير ماكينة الإعلام الغربي المكثف صوب هذا البلد وتبعثر الأوراق لدى المتلقي العربي والغربي بشكل عام.

ولكن بعد ثلاث سنوات من البؤس والعمليات العسكرية الدموية المستمرة وعشرات الأحزاب والكتل السياسية المبهمة والمريبة وكذلك الميليشيات وما حلّ في البلد من خراب في العمران والنفوس والتراث والقيم يأتي قنبر ليقول بكل برود.

وبابتسامة صفراء أن كل شيء في العراق شرعي وان الحكومات السابقة للتحرير(الاحتلال) كانت غير شرعية لأنها جاءت عبر انقلابات عسكرية ولم تأت بانتخابات!

وبالطبع أنا لا اسأل قنبر فيما إذا كانت حكومات الانقلابات أفضل أم الحكومات التي تأتي مع الاحتلال الأجنبي لأنه لن يجيب، إلا أني اسأل القيادات التي كانت تريد تغيير النظام في العراق:

ألم تبذل أجهزة مخابراتكم عشرات المحاولات وصرفت ملايين الدولارات من اجل حض بعض الضباط والساسة العراقيين للقيام بانقلاب عسكري ضد حكومة صدام حسين أو على اقل تقدير اغتياله؟ وهل ستكون الحكومات المقبلة على أنقاض حكومة سابقة غير مرضي عنها في الغرب شرعية ومخلّصة من الظلم والطغاة؟

إن الساسة في العراق تفوتهم أحيانا أن الشعب العراقي ليس كالشعب الأميركي يمكن أن تغّيره الأخبار اليومية في التلفزيون أو في صفحات الجرائد، كون هذا الشعب حامل حضارة تغمر ذاته وطريقة أدائه .

كما انه شعب نهل وينهل من ثقافات الأرض بكل أصنافها بالإضافة إلى ذلك فهو شعب فطن يعرف جيدا التمييز بين ما هو من طيب ارض الرافدين ومن فسد بأموال الخيانة والتبعية للأجنبي وهو لهذا جبار شديد البطش بهم مهما طال صبره.

إن شرعية قنبر محدودة في السجن الأخضر وهي كذلك بالنسبة للآخرين ممن يصرون على تجاهل الشعب العراقي وتبرير ممارسات الإذلال الشنيع بحقه ولا اعتقد أن الأيام ستغير شيئا من واقع الطرفين فالخيانة لا يمكن التراجع عنها .

وهي استعداد خلقي وتربوي ونفسي قبل أن تكون حاجة وللخونة دائما خياران: إما الهروب القلق أو نيل الاستحقاق الشعبي وفي الحالين يكونون عبرة للمعتبرين.

Farisalkhattab26@hotmail.com

Email