الرياض - السعودية

أميركا.. وسياسة «الفوضى الخلاقة»!!

ت + ت - الحجم الطبيعي

التيارات اليمينية المتطرفة ليست وقفاً على جناح إسلامي يأخذ بهذه الأفكار ورؤاها، لأننا شاهدنا في بلدان أوروبية متقدمة بروز عناصر تنادي بطرد الأجانب حتى لا يلوثوا أعراقهم وبلدانهم، ورأينا المحافظين الجدد في أمريكا الذين يرفعون شعار «الفوضى الخلاقة» يفتحون جبهات حروب بأشكالها العسكرية والنفسية، بغطاء ديني معتبرين أمريكا المنقذ، والمنهج الذي يجب تعميمه على العالم، دون مراعاة للفوارق بين الثقافات والتقاليد والتربية، حتى وصل زعم بعضهم إلى أن ذلك رسالة من الرب، والخطورة أن دولة عظمى تذهب لهذا الاتجاه، وهي مدرعة بقواها الكبيرة، يعني أن العالم يمر بفصل جديد من النزاعات لم يكن طرفه أيدلوجيا مناهضة لقوة أخرى، وإنما كبرياء دولة تريد تفكيك العالم وإعادة بنائه وفق مواصفاتها.

الجدل الداخلي الأمريكي، انصب على الثمن المدفوع على حربي العراق وأفغانستان وأيضاً تكتيف الصحافة، والتنصت على عناصر تراها السلطة خطراً على الأمن القومي، متجاوزة القوانين وهي إحدى المثيرات التي قد تقطع شعرة معاوية بين المعارضين والسلطة..

في منطقنا أصبحت أمريكا متواجدة بشكل مكثف في لبنان، وتبحث عن خلق مصادر لانفجار في الداخل السوري، وتقف من قضايا السودان بما يشبه الضغط المباشر، ويبقى العراق الأزمة الخانقة، والذي من خلال حالته بدأت تصدر أمريكا صراعاتها مع قوى داخلية وخارجية، وباعتبار المنطقة بؤرة المشكلات ومصدر الإرهاب، سواء على النطاق الفلسطيني بحماس، أو حزب الله في لبنان، وتضع رابطاً بينهما تُنسج خيوطه في طهران، والتي لو امتلكت سلاحاً نووياً فإن العالم كله سيقف على خطر غير مسبوق..

تداعيات الأزمات العالمية جعلت أي زيارة لمسؤول أمريكي كبير، تواجهه تظاهرات وتنديد بالسياسة، حتى إن أمريكا الجنوبية التي بدأت تشهد بروز اليسار الجديد الذي جاء بفعل السياسات الخاطئة الأمريكية التي تنظر للقارة، وكأنها حماها ومصدر نفوذها الكبير، إنما تخلق اتجاهاً أكثر راديكالية أمام خصم يرى تلك الدول بشكل متدن من خلال كبرياء القوة..

أوروبا، ودول آسيا أصبحت تتعاطى مع القوة العظمى بالخوف من مغامرات قد تقلب الأمن العالمي: الاقتصادي والعسكري، وتهدد مصالحها متجاوزة الأعراف الدولية، ومصدر القلق أن أمريكا تعتبر نفسها خارج نطاق أي تهديد، إلا من بروز اقتصاد جديد لآسيا، أوالشريك الأوروبي، يؤخر هيمنتها على العالم، ولابد من خلق عراقيل، ولو بما تسميه ب «الفوضى الخلاقة» وهي مفردة لتيار المحافظين الجدد بجعل أهداف أمريكا ومصالحها فوق الجميع، إلا أن العالم ليس بهذه الصورة من الفوضى، إلا إذا كانت الرؤى المبسطة تنسف منطق العقل..

Email