«مثلث الماس» «الإيراني» ـ محمد صادق الحسيني

«مثلث الماس» «الإيراني»

ت + ت - الحجم الطبيعي

حذر أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أوروبا مما سماه باللجوء إلى «السيناريو الثاني» إذا ما اختارت الترويكا الأوروبية التشدد مع إيران ومنعها من نيلها حقوقها المشروعة في دورة نووية كاملة كما تنص عليها معاهدة حظر الانتشار النووي.

وإذ لم يوضح لاريجاني مضمون هذا السيناريو إلا أنه قال عنه: «إن السيناريو الذي نتحدث عنه تم التخطيط له بحيث إننا إذا ما لحقت بنا هزيمة ما فإن الآخرين أيضاً ستلحق بهم الهزيمة في المنطقة..» .

كما ورد في تصريحات أدلى بها المسؤول الأول عن الملف النووي الإيراني للتلفزيون الإيراني الرسمي المخصص للبث الخارجي «شبكة جام جم».

وتأتي تحذيرات لاريجاني في الواقع في لحظة حرجة بالنسبة للترويكا الأوروبية فيما تشعر فيها طهران بأنها مرتاحة و«متمددة» على غير عادتها على حد وصف أحد المحللين السياسيين المطلعين على مطبخ صناعة القرار الإيراني، وذلك بسبب انشغال خصومها التقليديين بأكثر من ملف معقد واستغراقهم تماماً بالمستنقع العراقي!

فاللحظة حرجة بالفعل بالنسبة للأوروبيين الذين بدأوا يفقدون زمام المبادرة بعدما خطفها منهم الروس، بعد إقرار الأميركيين بعجزهم في خيار التصعيد العسكري والأمني ضد طهران والطلب إلى الترويكا الأوروبية البحث عن حل حواري مناسب، في الوقت الإسرائيلي الضائع، أي من الآن إلى ما بعد منتصف شهر مارس المقبل، حيث موعد اجتماع مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة النووية مجدداً.

الإيرانيون الذين التقطوا خيط المبادرة الروسية القاضية بالتخصيب فوق أرض الشريك المتعهد بإكمال محطة بوشهر النووية لتقطيع الوقت حتى نهاية العام 2007، وهي المدة التي تعهدت فيها موسكو للإيرانيين بتأمين الوقود النووي اللازم لتشغيل المحطة لمدة عام على الأقل بعد اتمامها.

كما هو مفترض في نهاية العام 2006، فإنهم، أي الإيرانيون، اغتنموا فرصة «ضياع» الترويكا الأوروبية بين الحليف الأمني المتعثر في العراق والشريك الاقتصادي المناكف لهم بالغاز وبغيره، ليعلنوا عودتهم الكاملة عن خطوتهم التطوعية المعروفة بخطوة بناء الثقة.

وذلك بإعلام مدير الوكالة الدولية محمد البرادعي بأنهم سيستأنفون خلال الأيام القليلة المقبلة «نشاطات البحوث والتطوير حول برنامج الطاقة النووية المعلق في أصفهان»، مغلقين الباب سلفاً على أية تنازلات بهذا الصدد من خلال إعلان المسؤول الأول عن الملف المذكور بأن هذا الأمر غير مطروح على طاولة المفاوضات مع الأوروبيين في التاسع من يناير الجاري مطلقاً!

في هذه الأثناء ظلت تصريحات أحمدي نجاد «الصاروخية» تتواصل سواء بشأن «المحرقة» المزعومة على حد قوله أو بخصوص المسألة الفلسطينية عموماً والذي أضاف إليها أخيراً قوله:

«بأن العالم كان بحاجة إلى صدمة من الحقيقة حتى يخرج من الكسل والخمول الذي ساد التعامل في المحافل الإقليمية والدولية..» مصعداً لهجته لأول مرة ضد ما سمَّاه «سياسة التودد لأوروبا» التي انتهجها سلفيه رافسنجاني وخاتمي والتي قال إنها «لم تحقق شيئاً يذكر، بينما خفضت من مكانة إيران في العالم الإسلامي» كما ورد في مناقشة له مغلقة مع البرلمان الإيراني.

هذا الكلام الجديد نسبياً من أحمدي نجاد إذا ما تم وضعه إلى جانب الخطوات الجدية والصارمة المتخذة من جانب مجلس الأمن القومي الإيراني بخصوص الملف النووي، في إطار ما سمع مؤخراً من خالد مشعل في طهران من جبهة متحدة تضمه إلى جانب طهران ودمشق وحزب الله، فإن بعض مضامين السيناريو الثاني الذي يتحدث عنه لاريجاني ويحذر منه الأوروبيين يصبح مفهوماً.

إنها استراتيجية «الردع الشامل» إذن التي سبق الإشارة إليها في مقالات سابقة، حيث يعتقد مقربون من مطبخ صناعة القرار الإيراني بأن أحمدي نجاد وفريق عمله الجديد وبالرغم من التزامهم المعلن بسياسة الحوار .

والصراحة مع المجتمع الدولي إلا أنهم على استعداد كامل أيضاً لأي خيار قد يفرض عليهم أو على أي من حلفائهم الإقليميين لاسيما ضلعي «مثلث الماس» الإقليمي الآخرين أي دمشق وبيروت بعدما اعتبر أحمدي نجاد في تصريحات له مؤخراً بأن طهران مسؤولة ليس فقط عن أمنها القومي بل وعن الأمن القومي لحلفائها أيضاً.

كل المؤشرات إذن تفيد بأن طهران ليست بصدد التخلي عن حقها الذي تعتبره مشروعاً وملتزماً للمجتمع الدولي بالحصول على «دورة نووية كاملة» من بين بنودها الحق في تخصيب اليورانيوم على أرضها.

والخطوة الأولى في هذا الطريق الذي يقرر فريق أحمدي نجاد اليوم استثنائه هو في العودة إلى مهمة التحقيقات والبحوث وتطوير البحوث في مجال الطاقة النووية المصرح بها والذي كان معمولاً بها أيضاً تحت إشراف كاميرات اللجنة الدولية للطاقة الذرية.

وأن لدى طهران من أدوات الردع الكافية بنظرها ما يجعل أي منع لاستمرار برنامجها تصاب فيه بالضرر أو «الهزيمة» أن يفضي بالضرورة إلى «هزيمة» مماثلة تلحق «بالآخرين» في المنطقة.

هل هو إذن المبدأ الذي يقول «بأن ثمن المقاومة أقل من ثمن الاستسلام» والذي بات يجمع بين طهران ودمشق وبيروت وما يجمع بينهم من «الثابت» الفلسطيني الذي يبدو أنه سيظهر من جديد في العام 2006م ليكون هو الملف الأكثر سخونة بعد استراتيجية الانسحاب الأميركي من العراق!

أمين منتدى الحوار العربي ـ الإيراني

Email